الأربعاء، فبراير 02، 2011

آمنتُ بالله وحُكْمِه، وكفرتُ بالديمقراطيَّة وزيوفِها!

بسم الله الرحمن الرحيم


يتورط بعضُ من نحب ونحبُّ الخيرَ له حين يريد الكلام في التعصب وآداب الحوار والتعامل بين المختلفين: في تأييد قواعد أو مذاهب باطلة، أو الوقوعِ في إجمالات وتعميمات يندرج فيها حق وباطل؛ فلا يفصِّل ما أجملَه وأبهمَه أو يخصص ما عمَّمَه والحال تقتضي البيان.

وأحب أن أتطرق لأمر كان حريا بعموم أهل التوحيد والسنة أن لا يجهلوه؛ لكنَّ شيوعَ دَخيلِ الأفكار حجب الكثير منا عن رؤية الواضحات! والله المستعان!

يزعم بعض إخواننا أن الحل في علاج مشكلاتنا في التعامل والحوار هو في «الديمقراطية».. وهذه الديمقراطية مذهبٌ فلسفي يعني (حكم الشعب للشعب) وهي في زعم أصحابها تكفل الحريَّات حريَّة العقيدة والرأي، والتملك، والحرية الشخصية.
والديمقراطيَّة: نظام حكم، ومنهج حياة.

لا يحتاج طالب الحق -بصدق- إلى تكلُّفٍ ليعرفَ بطلانَ هذا (الحكم)؛ فهو يعلم أنّ الحل حال النزاع يكون في الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأنَّ الله تعالى أمر بذلك فقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59]. قال ابن القيم رحمه الله: «من الممتنع أن يأمرَ تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصلُ النزاع»اهـ. [إعلام الموقعين: 43، ط: دار طيبة].فالشريعة هي الحاكمة بين المختلفين. وليست تقتضي الخلاف ولو اقتضتُه لما كان في الرد إليها فائدة. [انظر: الاعتصام للشاطبي: 3/ 272 ط: الدار الأثرية]. أما الديمقراطية فتتضمن إقرار المختلفين على أهوائهم، والردُّ إليها زيادةٌ في الفرقة.

وأنَّ حكمَ الله تعالى هو المقدَّم الذي لا يجوز لمؤمن أن يأخذ بغيره، قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ • أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50].
وحكم الجاهليَّة هو كما يقول الشيخ السعدي رحمه الله: «كل حكم خالَفَ ما أنزل الله على رسوله. فلا ثمَّ إلا حُكْم الله ورسوله أو حكم الجاهليَّة. فمن أعرَض عن الأول ابتُلِيَ بالثاني» [تيسير الكريم الرحمن: 1/ 564، ت: اللويحق، ط: دار السلام].
قال شيخ الإسلام -في «منهاج السنة»-: «من استحلَّ أن يحكم بين الناس بما يراه عدلا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر»اهـ [استفدته من: الديمقراطية ونظريات الإصلاح، لسعيد عبد العظيم: 68، ط 5: دار الإيمان]. وقال عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب: 36].

وأنَّ شريعتَه تبارك اسمه خير الشرائع وأكملها وأقومها، المتضمنة لأعدل الأحكام. وقد عَنْوَنَ الشيخ عبد المحسن العباد رسالة له في الديمقراطية بقوله: «العدل في الإسلام لا في الديمقراطيَّة»، وصدق أثابه الله وحفظه. ومن رضي بغير الإسلام بدلا فهو خائب خاسر.

فلا وجه لما يزعمه البعض من أن الاستفادة من النظام الديمقراطي لا يتعارض مع الإسلام؛ إذ إن الديمقراطية حكم ومنهج حياة. كما تقدم، وحكم الإسلام أن لا نتحاكم إلى غير الشريعة. قال الشيخ محمد الإمام: «الديمقراطية تشريع من دون الله» [تنوير الظلمات بكشف مفاسد وشبهات الانتخابات: 17].


ويزعم البعض أن الديمقراطية في الغرب هي الشورى في الإسلام، وهذا جهل؛ جهل بحقيقة الديمقراطية، وحقيقة الشورى:
- فالشورى: استشارة ذوي الرأي والدين [انظر: التعليق على السياسة الشرعيَّة، لابن عثيمين رحمه الله: 438]. والديمقراطية: أصوات مختلفي الأهواء والمشارب.
- والشورى: مشاركة في الرأي، والديمقراطية: مشاركة في الحكم.
- والشورى بحث عن الأصلح في ميزان أهل العلم والدين [انظر كلام شيخ الإسلام في المصدر السابق: 440 – 441]، والديمقراطية: بحث عما يرضي الأكثرية من مختلفي الأهواء.
- الشورى: من الإسلام. والديمقراطية: من الكفار.
- الشورى: تدعو للألفة [السابق: 437]، والديمقراطية: تدعو للفرقة.

وقد يدَّعي البعض أنه يقصد باستخدامه لهذا المصطلح -الديمقراطية- أمورا أقرَّها الشارع، فيقال له: ما الذي يحوجك إلى هذا الاستخدام -إن كانت صادقا- وفي ديننا ما يغني، وفي استخدام ذلك المصطلح الكثير من المشكلات الفكرية: كترك المحكم إلى المتشابه، والمصطلح الشرعي إلى البدعي، والترويج لمضامين كفرية يحتملها ذلك المصطلح.
ومن الفتن الفكرية التي روَّج لها المستغربون: فتنة «تقديم المصطلحات والمفاهيم الغربية الحادثة على الأسماء الشرعيَّة» [موقف أهل السنة والجماعة من المصطلحات الحادثة، د. عابد السفياني: 18].

فالديمقراطية: تشتمل على الكثير من الضلالات والآثار السيئة، قال الشيخ الكتور صالح الفوزان: «والدين منها بريء» [أسلمة الديمقراطية حقيقة أم وهم؟ لمحمد شاكر الشريف: التقديم: 3]. ومن آثارها: الفوضى، والتعددية الفكرية والسياسية (= التفرق)، والانصراف عن تحكيم الشريعة بين الناس.

وهي حكم جاهلي كافر، قال محدث الديار اليمنية الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله: «من عرَفَ الديمقراطيَّة ورضِيَ بها فهو كافر، لأنَّ معناها لا حكم للكتاب والسنَّة؛ بل الحكم للشعب» [الباعث على شرح الحوادث: 18، مكتبة صنعاء الأثرية].وصدق من قال: «لا ديمقراطية في الإسلام، ولا إسلام في الديمقراطية» [نقض الجذور الفكرية للديمقراطية الغربية، أ.د. محمد أحمد علي مفتي: 107].

لكنَّ الغشَشَةَ يزينونها للناس بتحريفهم لبعض الكلم عن مواضعه.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسوله الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا رأيتِ الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» [رواه البخاري: (4547)].

اللهم اعصمنا بالسنة، وطهر قلوبنا من كل فتنة.


ناصر  
12 / 2 / 1430هـ.

مطالعة في كتاب: «طلب الحُسْنَى في إحصاءِ أسماء الله الحسنَى» لـ د. محمد البراك

بسم الله الرحمن الرحيم

بين يديَّ الآن كتابٌ ألفه الشيخ الأستاذ الدكتور محمد بن صالح البرّاك -عضو هيئة التدريس بكليَّة الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم سابقا-، وقد سمَّى الشيخُ كتابَه: «طلب الحُسْنَى في إحصاءِ أسماء الله الحسنَى»، وقد يقول المطالع لهذا العنوان: إن هذا الموضوع مطروق بابه ومبحوثة مسائله مجموعة في كتب.. لكن الشيخ يذكر علَّة تأليفه في هذا الموضوع بقوله: «العلماء قد جمعوا فأفادوا وكتبوا فأجادوا، وتكلموا فأفاضوا إلا أنه يتردد في نفسي شيء لم يُشبعوه ويجول في خاطري أمر لم يذكروه إلا مفرَّقا في بطون الكتب، فأحبَبْتُ أن أُنقِّبَ عنه في طيَّات مصنفاتِهم، وقد نظرتُ في أكثرِ ما كتب في الأسماء في القديم والحديث، فوجدتُه قد جمَع الغثَّ والسمين، وشُحِنَ بمسائلَ وخلافاتٍ وتفريعاتٍ بعيدةِ المنال، كثيرةِ التعقيد، فرغبتُ في جمع كتاب في هذا الباب سهل المأخذ، قريبَ المورد، ينتفع به العالمُ والمتعلمُ المنتهي والراغب، مجرَّدا من الخلاف منزها عن الاختلاف، ذكرتُ فيه ما ترجَّح لدي من خلافات العلماء ليكون أعمَّ للنفع وأعمَ للفائدة»اهـ(ص: 5 – 6).

فالمؤلف كما ترى رامَ أمورا من أبرزها:
1- جمع ما تفرق من مسائل الباب في مصنفات العلماء.
2- تسهيل هذا الباب من العلم. بالاكتفاء بالراجح عند المؤلف، وترك التعقيد والتفريعات البعيدة.

وقد قسَّم المؤلفُ كتابَه إلى ثلاثةِ أبواب:
§ بابٍ في بيان حديث التسعة والتسعين، وأنه ثابت في الصحيحين، وقد تكلَّم عليه في ثمان مسائل بدأ بذكر إجماع السلف رحمهم الله- على أن أسماء الله تعالى توقيفيَّة، ثم قرر بأدلة الكتاب العظيم أن الله لا يشبه خلقَه لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته، وأن أسماءَه تعالى كلها حسنى، ثم تكلم في مسألة حصر الأسماء بتسعة وتسعين، ومعنى إحصائها، ثم ذكَر أنَّ تعيينها لم يثبت بحديث صحيح، وأن ليس من أسماء الله شيء على وزن اسم المفعول، ولا منها اسم مضاف.

§ وبابٍ في ذكر ما ثبتَ من الأسماء التسعة والتسعين. وقد رتَّبَها على حروف المعجم، بعد أن بدأ بلفظ الجلالة. وقد ذكر لكل اسم ما يدل عليه من كتاب أو سنة، وفسَّر الاسم تفسيرا مختصرا واضحا.

§ وبابٍ في ذكر ما لم يثبت من أسماء الله تعالى وقسمه إلى أربعة أنواع نبَّه فيها على غلط من أدخل في أسماءِ الله تعالى أسماءً اشتُقَّتْ من أفعاله عز وجل، وهي لم تثبت أنها من أسمائه.

ويقع الكتاب في سبع وعشرين ومائة صفحة، من القطع المتوسط، وقد طبَعتْهُ دارُ «ابن الجوزي» بالدمام، سنة 1429هـ.
شكر الله للمؤلف جهدَه، وتجاوز عنا وعنه.


ناصر


ليلة السبت 7 / 5 / 1430هـ.