الأربعاء، فبراير 21، 2018

تيقَّظْ !

لقد سارُوا.. وأنتَ هُنا وقدْ تركُوا لكَ الوَهَنَا  ‍
يطيرُ العمرُ تَسْرِقُهُ متاهاتٌ وسِرْبُ مُنَى  ‍
وتبحثُ ثُمَّ لا تجدُ انْتباهَاتُ الضمِيرِ جَنَى  ‍
وترجِعُ نحوَ مخْبَئِهَا لتصنَعَ للشقاءِ غِنَا  ‍
وتطعِمَ قلبَكَ النجوى لِيَأْسِرَ وهْمُهُ مُدُنَا  ‍
فإنْ قالوا مَنِ المغوارُ صِنْوُ المَجْدِ؟ قُلْتَ: أنَا !  ‍
وإنْ صفَعَتْكَ تَذكِرةٌ ستفضَحُ حُلمَكَ اللسِنَا  ‍
فإنَّ مباهِجَ الأحلامِ تُبْدي الليلَ مَحْضَ سَنا  ‍
وإنَّ زراعَةَ الصحراءِ تَطلبُ هِمَّةً وعَنَا  ‍
...............

             ناصر الخزيم...................   














اكتُبي !

ورقي وأقلامي إزاءَكِ، فاكتُبي
عن قصتي أو عُزْلَتي أو مذهبي

أو في شؤون قصائدي ومشاعري
ومدامعي عند ابتعادِ مُعَذِّبي

أو في الطيورِ الزائراتِ نوافذي
يحلفْنَ أنَّي نحوَ فألٍ مُعْشِبِ

وبأنني إنْ سرْتُ خلْفَ نشيدِهَا
يَغْشَ الفؤادَ هُتافُ أنْسٍ مُطْرِبِ

أو في انحداري خَلْفَ أمنيَةٍ هَوَتْ
أو في ثباتي أو عنيفِ تقلّبي

أو في هطولِ الرأيِ عند تَفكُّري
فيخيفه لهَبُ الفتورِ المُجدِبِ

أو في سكوتي حينَ أسرَفَ حائِطٌ
قَدْ ناءَ منطِقُهُ بأوهامِ الصبي !

ما إنْ بدأتُ بحجَّتِي حتَّى اختَفَتْ
عَنْ أن تُقابِلَ سَطْرَ مُنتَفِضٍ غَبي!

أو عَنْ خِلافي ثمَّ هجرِيَ للذي
ظنَّ الصداقَةَ بالعِتابِ المُتعِبِ

«لَمْ تتَّصِلْ».. «لم تَنتَبِهْ لِرِسَالَتي»
«لَمْ تمتَدحْ قولي بقولٍ مُسْهِبِ»!

هل كنتُ يا هذا لأُنْسِكَ قاصِرًا
صَفْوَ الهَوى؟! أم كنتَ يا هذا أبي؟!

لا زِلتُ أقرأُ في جفافِ الشَّوكِ ما
يَهَبُ الحياةَ سِراجَ فِكْرٍ مُعْرِبِ


ينقَضُّ أسودُهُ ليصبِحَ عاريًا
فيفِرُّ يبحثُ في السنا عن مهرَبِ

لا زالَتِ الألوانُ يا أختَ الصَّبَا
شَجَنًا، يُفَسّرُني، خُذيني واكتُبي!

ناصر بن عبد الله الخزيم

١٩ / ٥ / ١٤٣٩

أدرِك نفسَك !

أقِمْ شاهِقَ العَزْمِ مِنْ حَسْرَتِكْ
لتُنقِذَ نفسَكَ من غفْلَتِكْ

ففي القلبِ عند النَّدامَةِ وَقْدٌ
فأسْبِلْ عياءَكَ في عَبْرَتِكْ

لينزاحَ عن مقلتيْكَ القتامُ
ويرتعِدَ الشرُّ مِنْ خُطوتِكْ

وتأخُذَ مِنْ وثَبَاتِ الطُّموحِ
عوائِدَ تُزْهِرُ في وِجْهَتِكْ

مليئًا بعِطْرِ العُلا إنْ أتيتَ
نثرْتَ الهدايَا على هِمَّتِكْ

فإنَّ السنَاءَ يجيبُ السَّناءَ
ليمتَزِجَ النُّورُ في خُطَّتِكْ

وتُكْمِلَ دربَ الشموخِ العظيمِ
ويلتَمِعَ التِّبْرُ في صفحَتِكْ

تصَفَّحْ كتابَ الحياةِ بفكرٍ
يميّزُ سعيَكَ عن عَثْرَتِكْ

لتدرِكَ كيف وُحوُلُ الخطايا
تسوقُ خُطاكَ إلى خيبَتِكْ

وأنَّك تُحرِقُ ثوبَ الرزايَا
إذا انطلقَ الجدُّ مِنْ يقظَتِكْ

وأنَّك لله ترجِعُ فاظفَرْ
بعُمْرٍ يسرُّكَ في مَوتَتِكْ

ناصر الخزيم

26 / 4 / 1439

في دموعِ "أراك عصي الدمع"

أراكَ حبيسَ المُنَى والقوافي
وتحجِبُ دمعًا جريئًا غَشَاكَا

وتتخذُّ الليلَ خِلا وفيًّا
تبوحُ له بالذي قد شجَاكا

جوانِحُكَ اللاهباتُ تعاني
عِراكَ شجونٍ تُحبُّ العِراكَا

وتُقْعِدُ شأنًا وترفَعُ شأنًا
فإنْ جاءَ ذاكَ تقدَّمَ ذاكَا

وترنو بفِكْرِكَ إنْ نامَ جُرحٌ
إلى ذكرِ جرحٍ يهيجُ حشَاكَا

تُقطّعُ فِكرًا بفكِرٍ وتسعَى
لتجمَعَ رأيًا يقودُ رؤاكَا

بأيِّ فؤادٍ تردُّ يَمَامًا
تفَلَّتَ حينَ قطعتَ الشِّبَاكَا ؟!

وتمحو حروفًا لتكتبَ اُخْرَى
تُلُخّصُ للسائلينَ هواكَا

فيعبق من قهوة البنّ هيلٌ
يعيد إليك سَنًى من سنَاكَا

ويمزجُ للقلبِ بعضَ الخيالِ
ليطويَ عنكَ الذي قد طواكَا

ولو ساعةً تستريحُ لبوحٍ
مَدَاهُ يُلَمْلِمُ بعضَ مَداكَا

فدع عنْكَ مَنْ راغَ للواشياتِ
ليبتُرَ ودًّا بناهُ نَدَاكَا

 ومَنْ قد تركتَ له الضافياتِ
من الحسناتِ فعافَ جَناكَا

ومن قد عصرتَ لهُ ماءَ حُبٍّ
وعفوٍ جميلٍ.. فشاءَ قِلاكَا

ومن إنْ رآكَ بكربٍ تناسَى
وكنتَ إذا احتاجَ قلتَ: فِداكَا!

وسِرْ لا تبالِ بماضٍ يضمُّ
سطورًا مِتانًا وأخرى رِكَاكَا

فتلكَ الحياةُ.. بياضٌ.. سوادٌ..
سكونٌ يعُمُّ ليُحيِيْ الحراكَا

جحودٌ ينامُ بظلّ وفاءٍ
فينمو ليطلبَ عنه الفكاكَا

سفيهٌ يغاغي أمَامَ عليمٍ
يقولُ: اتَّبعْني لدَرْبِ عُلاكَا !

لئيمٌ تشكَّى انقلابَ الزمانِ
وفعلَ اللئامِ، بوجْهٍ تباكَى !

وسرَّاقُ مالٍ يقولُ: انقذونا
من السارقينَ أعاقوا السّكاكَا !

وكم من مطايا غثاءٍ وخلط
وخبط تجيشُ علينا اشتباكَا

فلا تبتئِسْ إنَّ قيدَ الأسَى
حِكايَةُ عَجْزٍ تَسُكُّ الهلاكَا !

وأرسِلْ مِنَ الدمعِ حِكْمَةَ عُمْرٍ
تُطيّبُ رغْمَ المآسي ثَرَاكَا

وقلّبْ رؤاكَ على كُرُبَاتٍ
تَجِدْها، مع الفِكْرِ، غيثًا سقاكَا

تجدها نشيدًا يصوغُ الحياةَ
أهازيجَ ذكرى، تَسُرُّ سُراكَا


ناصر الخزيم

28 / 3 / 1439

مللنا من الأحلام

بأيِّ معاني الشعْرِ أبدأ إنَّها
بِمُفْتَرَقِ الأحزانِ تصرَعُ أحرُفي

أأرْفَعُ سيفًا صارَ في الغِمْدِ ذابِلا
وإنْ رَفَّ في جيشِ الخيالِ سيختفي

أأصرخُ.. أينَ الصوتُ؟ أينَ فَمُ الصَّدَى؟
وفي أيِّ صَفٍّ أغْرِسُ الآنَ موقفِي؟!

يقولون: قوموا للعدوِّ بحَرْفِ «لا»!
فما أسعدَ الباغي بجَيشِ التأفُّفِ!

وهل تُرْعبُ الأصواتُ صَوْلَةَ حاقِدٍ
رآكَ كأشْلاءٍ وريشٍ مُنَتَّفِ ؟!


متى يَشْهَدُ التاريخُ أنَّا بنو يدٍ
أزاحَتْ دجى الدنيا بسيفٍ ومُصحَفٍ؟!

بلى يشهدُ التاريخُ أنَّ سطورَنَا
أتَتْ شاحِباتٍ بعدَ دُرٍّ مُرصَّفِ!

ولستُ –معاذَ اللهِ!- أبكي تشاؤمًا
ولكنَّما الأوجاعُ إنْ تَبْكِ تعْزِفِ

ولا أدَّعي أني من النصرِ آيسٌ
فإنَّ ثيابَ المَجْدِ إنْ هَبَّ تنْظَفِ

وليس غَريبًا أنْ يتيهَ عدُوُّنا
ويطغَى بقانونٍ لئيمٍ ومجحفِ

ولكنْ جراحاتُ الفؤادِ يهيجُها
تضارُبُ أهواءٍ إزاءَ التعسُّفِ

إذا ضلَّ فِكرُ المرءِ عن وحيِ ربِّهِ
تخبَّطَ في ظَلْماءِ قولٍ مُزَخْرَفِ

وسارَ على دربٍ يؤولُ إلى بِلًى
يريدُ أَمامًا وهو رهْن التخلُّفِ

مَلَلْنا من الأحلامِ والعيشِ في مُنًى
يبدّدها صوتٌ كثيرُ التأسُّفِ

وتُقنا إلى نَصْرٍ تسيرُ له خُطى
تحاذِرُ ورطاتِ الجَفَا والتطَّرُّفِ

تَوخَّى سبيلَ المؤمنينَ بصيرةً
وليسَتْ بإعصارِ العواطِفِ تحتفي!

وتُعْظِمُ حقَّ اللهِ، لا حَقَّ ذاتِهَا
وتنصُرُ دينَ اللهِ لا رأيَ مُرجِفِ

فلَنْ تستعيدَ القدسَ نَفْسٌ تلطَّخَتْ
برَفْضٍ وإشراكٍ وفِكرٍ مُخَرِّفِ

دَعونَا من التهويلِ والهَوَسِ الذي
تَرَدّدُهُ الدنيا على كُلِّ مَوْقِفِ

وعودوا إلى نَبْعِ الصفاءِ بِهِمَّةٍ
ترومُ سموقًا فوق حَشْدِ التقصُّفِ

#ناصر_الخزيم


21 / 3 / 1439

تهنئة.. إلى الدكتور فهد بن علي السديس

إلى الصديق الفاضل الدكتور فهد بن علي السديس، بمناسبة حصوله على درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطباعة الرسالة

تسيرُ به البشرى وتحفظه الذكرَى
وتطويه كنزًا ثمّ تنشرُه سِفرَا

يسافرُ في الأيّامِ يَصقلُ مجدَه
فإن يلتفتْ يلقَ الدروبَ بكَتْ عِطْرَا

ويصبرُ -فوقَ المُلهباتِ- فؤادُهُ
لينبضَ بالعلياءِ مُكتسيًا فَجْرَا

         ▫        ▫

رأيتُك يا فهد السُّديس مُتوّجًا
هنيئًا لتاجٍ صار منتَشِيًا فَخرَا !


بدأتَ كعصفورٍ يطيرُ مُغَرّدًا
فما زلتَ ترقى.. ثُمَّ جُزْتَ السُّهَا صَقرا

أقولُ: "قفا نبكِ" الليالي بعبرَةٍ،
فيسكُبُ صبحُ الناجحين لنا سحرا


«يُزِلُّ [الهمومَ السودَ] عن صهواتِه» (1)
ويأخذنا فحمًا ويرسلنا تِبْرَا

فأترُك ما قالَ "ابنُ حُجْرٍ" إلى صدىٰ
"عيونِ المها" إذ مَدَّ عسجَدُها جِسْرَا (2)

«فما كُلُّ مَنْ قادَ الجيادَ يسوسُها»(3)
ولكنَّ فهدًا قادَ في العُمُرِ النصْرَا


تذكرتُ شطرا من حياتك عامرًا
وأنّ جوابَ الجدّ قد أتمم الشطرا


وأنك في الميدان ليثٌ مظفرٌ
تغالبُ كالتيارِ مسلَكَه الوَعْرَا

وتسقي نباتا رفّ يطلبُ نهضة
معارِفَ تبني الروحَ والذوقَ والفِكْرَا

لقد صِرتَ "دكتورًا" وما كلٌّ نائلٍ
شهادةَ دكتورٍ يكونُ بها أحرى

وأنتَ بلا هذي الشهادةِ فارسٌ
فما رفَعَتْ قدرًا ولكن أتتْ شُكْرَا

هنيئًا لأيامِ الطُّموحِ جهادها
هنيئًا لإقبالٍ تقابِلُه البُشرىٰ

ناصر بن عبد الله الخزيم


١١ / ٣ / ١٤٣٩


______
(1) تضمين من معلقة امرئ القيس.
(2) ابن حُجْر: هو امرؤ القيس.  و(عيون المها) إشارة إلى رائية علي بن الجهم الشهيرة.
(3) تضمين من رائية علي بن الجهم: عيون المها بين الرصافة والجِسْرِ.

طارَ الحَمَام


السِّربُ زارَ دوحَةً ثُمَّ حَامْ
وانثالَ، أضواءً، نَشِيدُ الوِئامْ

وفَتَّ عِقْدُ الحُبِّ ألفاظَهُ
ترابَ مِسْكٍ لا يشَاءُ الخِتامْ

ويفتَحُ الودُّ الحديثَ الذي
صارَ ازدحامَ فرحةٍ وابتسامْ

وموَّجَ المجلِسَ سعيٌ إلى
تَسابُقٍ إلى خِصَالِ الكِرامْ

وتعبُرُ الأيَّامَ أفراحُهُمْ
خضراءَ تُثْمِرُ المُنَى كُلَّ عامْ

لا بُدَّ للعابِرِ من مُنْتَهَى
فعن غصونِ الدوحِ طارَ الحَمامْ !

ناصر الخزيم
١١ / ٢ / ١٤٣٩

ضَوءٌ عابِر

غامضُ الخَطْوِ لاهثُ الفكرِ، تَسْعَى
بين جنبيكَ مُلْغزاتُ الخِطابِ

تركبُ الخوفَ،
 والدُّجَى لقطاتٌ
ركَّبَتْ في الضَّميرِ جسمَ غُرابِ

إنْ أثارَ الحنينُ فيكَ حروفًا
ثارَ في وجهها صراخُ العَذَابِ

يَسكتُ الماءُ حينَ تنظرُ فيهِ
إذ لبستَ الظلامَ لبس الثيابِ

ورآكَ الترابُ ترفَعُ رِجلًا
كي ترى أختُها بريءَ التُّرابِ


موقِدًا شَمعَةً وتستاكُ مَشْيًا
لتجوسَ الرؤى خلالَ الغابِ

لملَمَتْ عقلَكَ المُشَتَّتَ ذكرَى
بددَّتْ عنه مسرحًا من سَرابِ


من بعيدٍ أتى إليكَ صديقٌ
بالحِجَى والشذى مليء الإهابِ

هَتَكَ الوحدةَ الأليمَةَ حُبٌّ
وشدَا الذكرياتِ إرْثُ الغيابِ


غابَ عَنْ دوْحَةِ الإخاءِ كثيرٌ
غيرَ أنَّ القليلَ صفوُ الشرابِ

وطوى عارضُ الضغينَةِ صَحْبًا
لم يُبالوا بسالفَاتٍ عِذابِ

قال في هَمْسَةٍ تُعيدُكَ ضوءًا:
طالبُ المجدِ ليس بالهيَّابِ!

لا تدعْ غابَةَ الظلامِ حجابًا
عن تعاطي مُظَفَّرِ الأسبابِ

يلِدُ الخوفُ إنْ تَكبَّرَ يأسًا
غيرَ أنَّ الحِذارَ زادُ الوِثابِ

كَسَلٌ أخْذُكَ الرمَادَ لِحافًا
فاللهيبُ اسْتعَرَّ تحتَ الحجابِ

بَدِّدِ الوهْمَ عن طموحِكَ واعبُرْ
بِسَديدِ الخُطَى عنيفَ الصِّعابِ

أنتَ والفجرُ والصَّبَا نفحاتٌ
تُبهِجُ اليومَ مُشْرِقًا بالإيابِ

أنتَ إنْ مَـرَّ في فؤادِكَ غيمٌ
أسفرَ العزمُ من ثقوبِ السحابِ

فاحملِ الهمَّةَ المضيئةَ بَرقًا
وابتعِدْ عن مناحَةٍ في الضبابِ


هكذا مجلسُ الصديقِ ضرامٌ
في زيوفٍ كثيرةِ الأوصابِ

هكذا همسةُ الحبيبِ طيورٌ
تتغنَّى بروضِها الخلابِ

نَشوَةُ الحرفِ أن يزلزلَ قلبًا
نامَ في هَدْأةِ السطورِ الخوابي

وخليلُ القلوبِ، حقًّا، صديقٌ
ناصحٌ صادقٌ وريفُ الجوابِ

ناصر الخزيم

٢٤ / ١١ / ١٤٣٨