الاثنين، نوفمبر 25، 2019

دعْ لي القول


أَحْمِلُ العِبْءَ ثمَّ تُثقْلُ عِبئي
بعَنيفِ الملامِ، ضِقتُ فدعْنِي!

لو غمَسْتَ الجوى صحيحًا بقلبي
لوَجَدْتَ السّقَامَ فيكَ يُغنّي

وملأتَ الحديثَ شكوًى ودَمْعًا
وظننتَ الحُنُوَّ لومًا بعيني

سافِرِ الآنَ في الشعُورِ فقلْ لي:
أيَّ حُكمٍ تراهُ يلحقُ حُزني؟!

لا تُلمْني –وإنْ قسوتُ- فإنّي
مُوجَعٌ قَدْ أذيقَ مُرَّ التجَنّي

صاحبي، لا أراكَ تظلِمُ لكنْ
داوِ قلبي بنضحَةٍ لا بِطعنِ

صاحي، لستُ من الحديد بشيء
غيرَ أنِّي مُقَيّدٌ طَيَّ سِجْنِ

كلّما جُلْتُ في سطورِ كِتابٍ
جالَ في القلبِ صارِخٌ لا يُكنّي!

إنَّما العقلُ يا صديقي شديدٌ
يحشرُ العاقلَ البصيرَ برُكنِ

ناولِ القولَ كأسَ صَمْتٍ وفِكرٍ
كي ترى طَارِفَ الكلامِ بغُصْنِي

واحسِبِ الرأيَ لا تدعْه لجوجًا
يهدِمُ اليومَ كلَّ ما كُنتَ تبني

إنني يا رفيقَ دربي بغيضٌ
كُلّما خِلتُ هائِجًا حولَ حِصْني

أكرهُ الطائِشَ العجولَ، وإنّي
لا أرى صاحبي سيخلِفُ ظنّي

دعْ ليَ القولَ ساعَةً إنَّ شيئا
سرَقَ النوم حينَ لاحَ لعيني

ولَغَ الغدرُ، يا صديقي، بماءٍ
كانَ يسقي الكرامَ من دون مَنِّ

وأذاقَ العُروقَ وحْلا فصارت
لا تُنيلُ الترابَ غرسًا لتَجني!

صاحِبي، كلّنا نرى يا بِسَ العَذْ
قِ، فدعنَا نكنْ لهُ خيرَ مُزنِ

ناصر الخزيّم
28/ 3 / 1441






الخميس، نوفمبر 14، 2019

نفَق الهوى



إلى نفَقِ الهوى سِرنَا فغِبْنَا
وفي غفلاتِه عِشْنا وشِبْنَا

وما تحت التلهّي غير كوبٍ
شربنا منه نُقصانًا وغَبْنَا

وأترعنا كُؤوسَ اللهْوِ حتى
إذا سُكِبَتْ أرانَا قد سُكِبْنَا

خلطنا النفسَ بالأدنَى فكانت
شتيتًا ضائِعًا فيما خلطنا

وكانَ العُمرُ مُمْتدّا بياضًا
فأغْرَى بالمِدادِ، وقد كتَبْنَا!

كَتبْنا والِهِينَ بِكُلّ خَطٍّ
وهاجَتْ صَبْوَةٌ فينا فَزِدْنَا

رَسَمْنَا البدْرَ في كأسٍ فمَسّتْ
زُجَاجَتَهُ أيادِينَا فَغَنّى

وزخْرَفْنَا بِسَاطَ الريحِ ليلًا
فأطلقْنَا الخيالَ له، وطرْنَا

وسَطَّرْنَا خطوطًا لاذِعَاتٍ
وأخرَى لو قرأْنَاها خَجِلْنَا

وزاحَمَ طَيّبَ المنقوشِ شَينٌ
علَا ما نافَ عن أرضٍ فأدْنَى

وشِئْنَا أنْ نعودَ إلى بيَاضٍ
وهيهَاتَ الإعادَةُ لو أردْنَا!

ومَنّيْنَا الفؤادَ بكلِّ مَجْدٍ
فأنْزَلَنَا الفؤادُ بِكلّ مَغْنى

حديثًا بائِدًا نُحْيِي ونُبدي
ويذبُلُ حينَ يلقى منكَ أُذْنَا

ملأنَا سمْعَ مَوطِننا افتخارًا
فلمّا احتاجَ مفخرةً جَبُنَّا!

وكنّا حين كانَ النصرُ نهبًا
نيامًا، ثُم صُغْنا اليومَ "كُنّا"!

وصحنا في الطّبَاعِ إلى المعالي
فدَانَتْنَا بما اعتدْنَا ودِنّا !

ولكنَّ التَدبُّرَ روحُ قلبٍ
يَدِبُّ فيجعلُ الأنوارَ حِصْنَا

فيا رحمٰنُ أنقذنَا فإنَّا
عَرفْنَا جَهْلَنَا وإليكَ تُبْنَا!

ناصر بن عبدالله الخزيّم
17 / 3 / 1441