السبت، نوفمبر 09، 2013

جنايةُ المَدحِ على الممدوح

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشاعر: 
وإن امرؤٌ مدَحَ امرأً لنواله 
 وأطال فيه فقد أرادَ هجاءَه

لي صاحبٌ أعاتِبُه –كثيرا- على مبالغتِه في الثناء، أو إكثاره منه، ليس تنقصا مني لمن مدح؛ بل لأن المدح إذا زاد عن حده انقلب ذمًّا؛ خاصة إذا سيق في غير موضعه؛ كأن تمجِّد (شخصًا) في مجلس لم يتبين للسامع فضلُ ممدوحك الذي استحق به هذا التمجيد.
فقد تجد حينئذ من السامع نقيض ما تريد؛ لأنَّك جعلتَ للممدوح صورةَ لابسِ الثوب الفضفاض الذي لا يتبين كمُّه من طرفه، ولا يظهر لك من لابسه إلانَفْسًا تتحرك داخل غطاء!
ولو أنك بينت للسامع الفضلَ الذي استحق به الممدوح ما نال؛ لعرفَ العلاقة بين «اللابِس» و«الملبوس».

وقد يكون السامعُ عارفا بفضل ممدوحك؛ لكن إسرافك في المدح هيَّج في نفسِه الحسد..

وأنت بذلك تفتح بابا للغيبة والبغضاء؛ دون قصدٍ منك!

وعلى المادح أن يقتصد في مدحه، وأن يضع الناس في مواضعهم، ثم عليه أن يُقِّدر موضع الكلام من الأحوال؛ فما في كلِّ وقتٍ (يحلو) المدح.

وقد رأيتُ من أمرِ صاحبي ما أكَّدَ لي صحة عتابي له ونصيحتي إياه؛ إذ ورد ذكر رجلٍ قريبٍ له، فانساق –كعادتِه- في الثناء، حتى أكثر، فهيَّجَ والدَه؛ فلم تطب نفسُ والده إلا بأن يذكر عيوبا لذلك الممدوح (المسكين)!.

فاقتصد أيها المادح في مدحك؛ فربَّ مدحٍ أظهرَ للناس -في الممدوح- عيبا.

وإنه ليسوؤني –في بعضِ الأحيان- أن أُمْدَح في مجمع من الناس، ويعودُ على نفسي من هذا المدح حرجٌ وضيق؛ وليس ذلك خوفاً من الرياء والعجب؛ إذ إن انقطاعَ النسب بيني وبين هذا المدح ظاهر؛ لكن ذلك من خشية الازدراء والتنقص الحاصل في نفوس السامعين تجاه الممدوح.

ولقد صدق ابنُ حزم رحمه الله حين قال:
«أبلغ في ذمك من مدحك بما ليس فيك، لأنه نبه على نقصك، وأبلغ في مدحك من ذمك بما ليس فيك لأنه نبه على فضلك، ولقد انتصر لك من نفسه بذلك وباستهدافه إلى الإنكار واللائمة». [رسائل ابن حزم: مداواة النفوس: 385]

ولبعضِ المدحِ جناياتٌ على الممدوح أخرى ..

اللهم أصلح قلوبَنا، واجعلنا من النمط الأوسط!

ناصر بن عبد الله الخزيِّم
16 / 1 / 1427 هـ.

[خاطرة] صِدامٌ بين الأماني العِذَاب


بسم الله الرحمن الرحيم

تتحرَّقُ النفسُ –أحيانا- عند طريقِ غاياتها؛ فتقفُ عند مبدئه تارة، ثم تركُض إلى أحدِ جنباته تارة أخرى، ثم تعودُ –وهي تهذي به- إلى مَبدئه ممنيّةً ذاتَها قَطْعَه.

وذلك التخبُّط عندِ ((الخطوةِ الأولى)) داءٌ شائعٌ بين عشَّاقِ العلم والثقافة.

فالفتى اليافع حين يحضرُ مجلسَ علمٍ تأصيلي، طُوِيتْ فيه الرُّكب، وعَلَتْ فيه السَّكينَة، وتحرَّكت فيه الأقلامُ على الدفاتر.. تثورُ نفسُه بُعَيد هذا المجلس شوقا إلى حفظ المتون، ومتابعة الدروس، واستذكار الشروح.

وتتحرّقُ على ما فاتها من مراقٍ للعلم النافع.. علم الكتاب والسنة.

وقد يَعْرِضُ لها اضطرابٌ في المشتهى وتقلّبٌ في الرأي ساعةَ الفكْرِ في الأجدى من الأساليب للوصولِ السريع إلى (العلم)؛ فهل يحفظ ((العمدة)) أم ((الزَّاد)) وهل يجلسُ إلى ذلك الشيخ أم ذاك، أو هل يبدأ بعلوم الآلة أم بفقه الدين، وهل يجمع بين فنِّ وآخر، أم يجمع نفسَه على واحدٍ منهما.

وليس غريباً حصولُ مثل ذلك؛ فقلّة التجربة، وثورةُ الحماس داعيتان إلى هذا التردد.

ومكرُ الشيطان قائدٌ إلى مزيد من التخبط.

إلا أنَّ أموراً استجدت في هذا العصر فَلقَتْ بحرَ الأماني المتلاطم إلى قنواتٍ صغيرة، اختلفَت منابِعُها، وتباعدَت مصابُّها.

فذلك الذي يشتهي العلمَ المؤصَّل في ساعة، يتحرّق على ((الفكر، والتحليل السياسي)) ساعةً أخرى، فيخرج عن سمت المتعلِّم إلى فخامة ((المفكّر))، فيشغل نفسَه بتصيد الكتابات الفكرية المشحونة بالنظريات؛ كي يفرع عليها ما يريد شرحَه من الأفكار..

والشهوتان متصادمتان، فالأولى طريق إلى العلم –إن صحت النية، وسلمت الطريقة-، والثانية سبيل إلى (التعالم) والتشدُّق -غالباً-.


والنّفسُ الطالبةُ للمجد إما أن تسلُكَ سبيل الجد فتصل إلى المبتغى، أو هي كالخرقة الخَلِقَة تمزّقها مُدى الأماني، أو تحرقها نارُ المَنون.


ناصر بن عبد الله الخزيِّم

١ / ٧ / ١٤٢٦هـ

الأربعاء، مارس 13، 2013

وكانَ الإنسانُ عَجُولا !


بسم الله الرحمن الرحيم


قال الراغب الأصفهاني: «العجَلَةُ: طلبُ الشيءِ وتحرِّيه قبلَ أوانِهِ، وهو مِنْ مقتضى الشَّهوة، فلذلك صارتْ مذمومةً في عامَّة القرآن حتى قيل: «العجَلةُ مِنَ الشَّيطان» . [«مفردات ألفاظ القرآن» تحقيق صفوان داوودي، ص: 584] اهـ.


وطلبُ الشيء قبل أوانِه مذمومٌ في الشرع والعقل، ولقد قيل «من طلبَ الشيء قبل أوانه عوقِبَ بحرمانه».


والنفس تعالج أمورًا تطلب من ورائها مجدًا أو صلاح حال أو اكتساب خير، فتغلبها العجلة التي قد تحملها على قَطْع العلاج لإدراك المطلوب، فتُحرَم النفس من درَك المطلوب لانقطاع الطريق إليه.

ومع الصبر والأناة يكون الظفر والسلامة.

ولو نظرنَا في أنفسنا وأحوال مجتمعنا لوجدنَا للعجلة المذمومةِ عُثُوًّا فتح لليأس أبوابًا كانت خالية من جنود الصبر، ومدَّ طريقَ المجد بعقباتٍ من الخوَر. 


لستُ بريئًا من هذا الذي أذمه؛ لكنني أشكو، وأدعو، وأستحث...

أشكو حالا شملتني وغيري.
وأدعو نفسي وغيري إلى الاعتبار بما مضى، والانزجار عن ما أدركنَا حقيقةَ السوء الذي فيه.
وأستحث النفسَ التي تعلم سبيل الحق أن تصبرَ عليه، ولا تعجَل! 

إنَّ الكاتب الذي ينصرف عن ما تتغذى منه ملكَتُه وتتسع به ثقافتُه، لِيَخوضَ في ميدانٍ ليس له، فيزعج المتذوقين بركيك قولِه وسقيم معانيه، ويتعطَّلُ عن الدرس الذي ينبغي لمن يطلبُ هذا الشأن.. فينكشف له مع الأيام أنه قد تعب بلا تحصيل، ليصحبَ اليأسَ من مبتغى نفسِه! إنَّ هذا الكاتب مَثَلٌ من أمثلةِ ضحايا العجَلةِ.


والطالبُ لصلاح حال الأمَّة أحوج للصبر والأناة؛ إذ إنَّ مغبَّةَ عجلتِه –إن تعجَّل- عائدةٌ على أمَّتِه لا عليه هو فقط. والفساد الذي يجرُّه التعجُّل لا يمسّ أمورَ الدنيا فقط بل يصل إلى أمور الدين.

فمن أهل الغيرَة من تطغى عاطفتُه على عقلِه، فيخرج عن سبيل الإصلاح المشروع، فيقع –نتيجةَ ذلك- ما نراه ظاهرًا في واقعنا المعاصر، من سلوك لسبيل الخوارج، ووقوع في فساد عريض –باسم الإصلاح- ليكون ضربًا من ضروب الجهل والفساد، يدعو أهل العلم والصلاح -بحق- إلى إصلاحه!.

هكذا بدافعِ الحب ننأى عن محبوباتنا ونلقي بأنفسنا في مكان سحيق!.




ناصر بن عبد الله الخزيم

ليلة الأربعاء 27 / 5 / 1428هـ.

الاثنين، مارس 11، 2013

... لقلْتُ لأيامٍ مضين ألا ارجعي


بسم الله الرحمن الرحيم
- 1 -

حدثني أخ كريم عن صحبٍ له دعوه يوما إلى ضرْبٍ من الألعاب فردَّ عليهم بأنْ قال: عندي شيء الاشتغال به أولى. لعلَّ صاحبي أراد برده التنبيهَ على أنَّ حياة اللعبِ تسرق من حياة الجدِّ، وإن غلبَت الأولى الثانيةَ فنِيَ العمر عند حدِّ غير رفيع، وخابت «الحياة» في سوق العمل وميدان التنافس...
ثم أخذتُ وإياه في حديث يسير عن عمارة الوقت بما ينفع، وأحب أن أفيض أكثر في هذا الموضوع معكَ أخي القارئ الكريم، وليس يغيب عن ذهنك الآن - فيما أحسب- حديثٌ شريف رواه الإمام البخاري رحمه الله [في صحيحه: (6412)] عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحَّة، والفراغ». وتدرك حجمَ المأساة التي تلحق بمن تتيسر له فرصٌ عظيمة فيتركها تفوتُ بلا اكتراث!.
ومن ذلك صنيع الصحيح الفارغ حين يشتغل بما لا ينفع -وقد لا يُمتِع- وحجته في ذلك: «ليس لدي شغل.. ماذا أعمل؟».
قال البردُّوني:
كم مرَّ وقتٌ؟ تولَّتْ ساعةٌ وتلَتْ [] أخرى، وماذا يلي، قد تنقضي أُخَرُ؟!
[ديوانه: 2/ 1671]
فالساعات تمرُّ وهذا حائر لا يدري ما يفعل! وكيف يقضي وقتَه؟!



قال بعض العلماء: «إذا اجتمع الصحة والفراغ وقصّر -يعني: الإنسان- في نيلِ الفضائل فذلك الغبنُ كلّ الغبن؛ لأنَّ الدنيا سوق الأرباح ومزرعة الآخرة» [عون الباري لحلِّ أدلة البخاري، للقنوجي: (5/ 660، 661)] ونقل القنوجي [في المصدر السابق: 5/ 661] عن ابن الجوزي قولَه: «قد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا، لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون»اهـ.


وكم -والله- قد غُبِنَّا لانشغالنا بما هو أدنى، وفاتت علينا فُرَصٌ لتسويف غلب على أنفسنا؟!


إنَّ في هذه الحياة مشاريع مهمة لا بدَّ من خوضها -مستعينين بالله- طالبين منه الظفر:
فالجاهل مفتقر إلى أن يرفع عن نفسه الجهل، ويلحق بركب العالِمين. وللعلم فنون وللناس طاقات متنوعة وقدرات مختلفة، يستفيد كل صنف منهم ويفيد بما يتيسر له من تلك الفنون المتفاوتة في أهميتها، وحاجة الناس إليها.
والنفس تحف بها بعض البلايا، نحتاج لحسن سياستها كي تتخلص من رديء الخصال ودنيء الطِّباع (من كِبرٍ أو حسَدٍ أو ضعفِ عزيمة أو إقبال على الخطايا أو انصراف عن الحسنات)، وتنتقلَ إلى مرتبة عليَّةٍ تأنَفُ من الدنايا وتتعلق بمعالي الأمور. 
والعبدُ المسلم مفتقرٌ إلى ما يقرِّبه إلى مرضاة الله تعالى، ويقصيه عن ما يسخط اللهَ تعالى.
- وإصلاح أمور المعاش: مطلب في الدنيا، يحتاج الواحد منا إلى أن يطلب من فضل الله ليستغني به عن الحاجة إلى الناس؛ فيشتغل في تجارة أو وظيفة أو يعد نفسَه لأحدهما، أو يقوم بمصالح الناس الدنيوية، من طبِّ أو إدارة أعمال... أو أي ضرب من السعي الصالح في هذه الدنيا. قال ابن حزم -رحمه الله-: سمعتُ شيخنا ابن الحسن يقول لي ولغيري: «إنّ من العجب من يبقى في هذا العالم دون معاونة لنوعه على مصلحة. أمَا يرى الحرّاث يحرث له والطحّان يطحن له والنسّاج ينسج له والخياط يخيط له والجزار يجزر له والبنّاء يبني له وسائرَ الناس كلٌّ متوَلًّ شغلاً، له فيه مصلحة وبه إليه ضرورة؟ أفما يستحي أن يكون عيالاً على كل العالم لا يعين هو أيضاً بشيء من المصلحة؟»اهـ.
قال ابنُ حزم: من السمج القبيح بقاء الإنسان فارغاً في مدة إقامته في هذه الدار، مفنيا تلك المدة فيما غيره أولى به وأحسن منه، في حماقة وبطالة أو معصية وظلم. اهـ.[رسالة مراتب العلوم لابن حزم الأندلسي].


فليس للفارغ حجة! وليس العمر يتسع للإسراف في اللهو!.


(وهذه كلمة أرجو أن تتبعها كلماتٌ ذاتُ صلةٍ بهذا الموضوع ونفعٍ لمن يُطالعها إن شاء الله تعالى...)

ناصر بن عبد الله الخزيِّم

24 / 8 / 1431هــ


من امتيازات قناة سعد فقيه


بسم الله الرحمن الرحيم

لقد امتاز د. سعد فقيه عن سبيل المؤمنين بأشياء كثيرة أذكرُ منها ما يلي:
1- أنَّه سمَّى ما يشهد العلماءُ والعقلاء على أنه من الإفساد: إصلاحا. وهذه من صفات المنافقين التي ذكرها الله تعالى في كتابِهِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: 11].2- أنَّه استخدم أبرز أسلحة البطالين وهو: الكذب. ومن القرائن على ذلك استقباله اتصالات الكذّابين كذبا له قرون (!) لينصروه على هواه، وإشاعة ما هبَّ ودبَّ من الأخبار التي تشحن قلوب الناس على حكومة المملكة العربية السعودية، وكفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكلِّ ما سمِع.3- مشاقة الله تعالى القائل -جل ذكره-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ} [النساء: 59] ولقد استدل العلماء بهذه الآية على وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية الله تعالى. وفسَّر بعضهم ولاة الأمر هنا بـ(الأمراء، والعلماء). وسعد فقيه لم يستجب إلى أمر الله للمؤمنين، فخرج على ولي الأمر المسلم واشتغل في حربه، وعلى العلماء فلم يأبه بهم أو يستنير بفهمهم. 4- مشاقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. حيث يقول: «... تسمع وتطيع وإن جلد ظهرَك وأخذ مالك، فاسمه وأطع» [رواه مسلم] وسعد فقيه يدعو إلى نقيض ما أمر به نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم. وهذه مشاقة ظاهرة، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء: 115].5- خرج عن طاعة من أمرنا الله تعالى ورسولُه بطاعته، قال صلى الله عليه وسلم: «من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فميتته ميتة جاهلية» [رواه مسلم] والقائم على قناة الإصلاح مفارق للجماعة؛ لخروجه، ولسلوكه سبيل غيرِ المؤمنين.6- شابَه أهلَ الجاهلية في رضاهم بالفوضى وأنفتِهم من طاعة الحكام. قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في رسالته النيِّرَة (مسائل الجاهليَّة) –واصفا أحد مسالك الجاهليين-: «أنَّ مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له فضيلة، والسمع والطاعة له ذلّ ومهانة، فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بالصبر على جور الولاة وأمر بالسمع والطاعة لهم والنصيحة، وغلَّظ في ذلك وأبدى فيه وأعاد»اهـ.7- تسلُّطه على آخر معاقل الإسلام، فما من دولة اليوم تتخذ الشريعة دستورا لها في الحكم إلا دولة التوحيد: المملكة العربية السعودية، وهي تفتخر بذلك، قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله: «بلادنا من أحسن البلاد الإسلامية وأقومها بشعائر الله على ما فيها من نقص وضعف»اهـ.وقال رحمه الله: «إن السعودية بحمد الله تحكم الشريعة في شعبها وتقيم الحدود الشرعية وقد أنشأت المحاكم الشرعية في سائر أنحاء المملكة وليست معصومة لا هي ولا غيرها من الدول»اهـ.
ومن نعم الله على بلدنا: حربهم لشركيات الخرافيين عباد الأضرحة والقباب.ووجود هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وتكاد تنفرد عن الدول بتلك المزايا التي نسأل الله أن يعين قادتها على الحفاظ عليها وتقويتها وأن يزيدهم من فضله، وأن يعيننا على شكر ما أنعم به علينا.
8- مما امتاز به صاحب قناة الإصلاح سفهه. قال القاضي أبو الطيِّب: «... ومن دعا الناس إلى الباطل؛ كان سفيها فاسقا» [إغاثة اللعفان من مصايد الشيطان، لابن القيم: 1/ 420، ط1: دار ابن الجوزي].9- وامتاز بإشاعة الزور وركاكة الفكر وسلاطة اللسان. أما الزور والسلاطة فظاهران، أما ركاكة الفكر: فلأنه يُعرِض عن تأصيل أطروحاته بالطريقة الشرعية والحقائق العقلية، إلى أساليبَ غوغائية، وحكايات سامجة. 10- سلوكه مسلك الخوارج القعدية. الذين يخرجون باللسان دون السلاح.11- استهانتُه بنعمة الله تعالى على هذه البلاد. قال أحد الأفاضل: «على الرُّغم من أنني من أهلِ المغرب، وعلى الرُّغم من ذاك الإرهاب التاريخي السياسي العقدي (يعني: ما حصل من مشاحنات بين المغاربة والمشارقة)، فإنَّني أقولُ غيرَ مُبالٍ بغيرِ الحق: لقد شهد القريبُ والبعيدُ والصديق والعدو ما حقَّقَه التوحيدُ والحكم بالشريعة مِنْ أَمنٍ في البلاد السعودية، إلا أنَّ الحاقدين على هذه الدولة، وعلى دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- يأبَوْن ذلك، وبدلا من أن تحظى منهم هذه الدولة بالتشجيع؛ لأنَّها تعلِن بأنَّ شريعتَها هي شريعة الإسلام، فإنَّهم دأبوا على تشجيع كلِّ من يعمل على إسقاطِها، وأيُّما خبر يُسمع صدَّقوه ولو لم تقُم عليه أدنى البيِّنات! لا سيَّما وهم لا يفترون عن التباكي على ضياع الخلافة الإسلاميَّة، فإذا هم لا يرون الحسناتِ إلا سيِّئَات!!»اهـ.
هذا، وللرجل امتيازات أخَر مع ما ذكرتُه هنا، جعلتْ منه أضحوكة عند العقلاء، ورأسا عند الحمقى، وبوقا يفرح به الأعداء.
اللهم أتمم علينا نعمتك، واجمع كلمتنا على الحق، وارفع راية التوحيد والسنة في بلدنا هذا وسائر بلاد المسلمين.

ناصر بن عبد الله الخزيم
ليلة الأربعاء: 11 / 4 / 1432هـ

الأحد، مارس 10، 2013

الحَدَثُ، وتحليلاتُه

بسم الله الرحمن الرحيم

في السنوات الأخيرة أُصبنا بكثير من الأحداث التي كان لها أثرٌ كبير في إشعال نيران الفتن، وشيوع الكثير من الأخبار الكاذبة؛ فكلما سمعنا عن وقوع حادثة من الحوادث تتابع على مسامعنا عدد من الروايات لذلك الحدث، والتحليلات لتلك الواقعة.

ومعلومٌ ما (للحدَثِ) من أثرٍ في العقولِ والمواقف.

وعليه؛ فلا بدّ من أن نتبيّنَ (الموقفَ الصحيحَ) تجاه الوقائع. كي تسلَمَ عقولُنا من التخليط، وألسنتُنا من الزلل، واجتِماعُنا من التفرّق.

قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً} [النساء:83].

قال الشوكاني –رحمه الله- في تفسيره: «وهؤلاء جماعةٌ من ضَعَفَةِ المسلمين كانوا إذا سمعوا شيئاً من أمر المسلمين فيه أمنٌ نحو: ظفرِ المسلمين وقتل عدوهم، أو فيه خوفٌ نحو: هزيمة المسلمين وقتلهم، أفشوه وهم يظنون أنه لا شيءَ عليهم في ذلك».

أفهمُ من الآية وتفسيرِها خطأَ التسرّعِ في نقلِ الأخبار المتعلّقة في مصير الأمة، دونَ الرجوعِ لأولي الأمر –من العلماء والأمراء- والصُّدورِ عنهم.

وقال البغوي –رحمه الله- في قولِه تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}:
«أي: يَستخرِجونَه وهم العلماء، أي: علموا ما ينبغي أن يُكتَمَ وما ينبغي أن يُفشَى».

فما كلُّ خَبَرٍ تجوزُ إشاعتُه بين الناس.
ثمَّ إنَّ للناسِ مع الخبرِ بعد إشاعتِه مواقفَ تفتقرُ إلى التصحيحِ وأن تُوزَنَ بميزان الشريعة.

وسأُحاوِلُ علاجَ هذا الأمرِ من خلال طرقٍ منها:

1- التثبّت من صحة الخبر.
2- تفسير الخبر. وعلى اصطلاح المعاصرين: (تحليلُ الحدَث).
3- أثرُ الخبر في العقيدة والمنهج والتفكير.

أولاً: التثبتُ من صحة الخبر:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6]

وفي الحديث: «التثبُّت من الله، والعجلةُ من الشيطان».

وقال بعضُ أهل العلمِ –واصفاً حرص علماء الأمة على التثبت-:
«هذا شأنُ هذه الأمة: التبُّتُ في الرواة، التثبت في المُخبرين؛ لأنَّ المُخبرَ قد يكونُ فاسقاً لا يهمه الصدق، أو قد يكون كافراً يريد الإيقاع بين المسلمين، أو منافقاً، أو يكون رجلاً صالحاً ولكن فيه نزعةُ التسرّع وشدة الغيرة فيبادر بالأخبار قبل أن يتثبّت» [د.صالح الفوزان: وجوب التثبّت في الأخبار واحترام العلماء: 27].

وقال ابنُ خلدون –رحمه الله-: «ولمـّا كانَ الكذبُ مُتَطرِّقاً للخبرِ بطبيعتِه وله أسبابٌ تقتضيه. فمنها التشيُّعات للآراءِ والمذاهبِ، فإنَّ النَّفسَ إذا كانت على حالِ الاعتدالِ في قَبُولِ الخَبرِ أَعطته حقَّه من التمحيصِ والنَّظر حتى تَتَبيَّنَ صدقَهُ مِنْ كَذبِهِ،
وإذا خامَرَها تشيُّعٌ لرأيٍ قَبِلَتْ ما يُوافِقُه مِن الأخبارِ لأول وهلة، وكان ذلك الميلُ والتشيُّعُ غِطاءً على عيْنِ بصيرتِها عن الانتقاد والتمحيصِ فتقعُ في قَبُولِ الكذب ونقلِهِ.

ومن الأسبابِ المقتضية للكذب في الأخبار أيضاً: الثقةُ بالناقلين. وتمحيصُ ذلك يرجِعُ إلى التعديلِ والتجريح.

ومنها: الذهولُ عَنِ المقاصِد، فكثيرٌ مِن النَّاقلين لا يعرِفُ القَصْدَ بما عايَن أو سَمِعَ، وينقُلُ الخبَرَ على ما في ظنِّهِ وتخمينِهِ فيقع في الكذب...» [مقدمة ابن خلدون: الكتاب الأول في طبيعة العمران في الخليقة..].

ثانياً: إنْ كان (للتشيّعِ لرأيٍ) أثرٌ في قبول الخبر أو ردّه –كما ذكر ابنُ خلدون- فإنَّ أثرَه في تفسير الخبر واضح.

وقد ذكَرَ القنوجي –رحمه الله- أموراً في معرِض حديثه عن أسباب اختلاف الآراء، أذكر منها بعضَ ما يناسب هذا الباب:
قال –رحمه الله-:
«يُخلَقُ الناسُ على غرائزَ وهمم وعادات شتى ثم يتيسر لهم مصاحبات وأغراض واتفاقات فوضى، ولاختلافها مدخلٌ جليل في إحداث الآراء وترجيح المختلفات»

فمنهم:
- المسامِح يكتفي بالظنّ وبصورة من الصور المحتملة التي تفي بظاهر المقصود، والفحّاص عنه.
- وواسع الفهم المدرك للضوابط والحقائق، وضيّقه.
- والمغلوب في أيدي الوهم يبني الأمرَ على الاعتبارات المحضة، والغالبُ عليه.
- والمتقيد بالشرائع، والواهن فيها.
- والمشتهي للتفرّد، والمتنفّر عنه يحب التقليد.
- والمحب لشخص ومذهب، والمبغض له.
[انظر: أبجد العلوم: فصل في أسباب الاختلاف].

ولهذه الأمور وشبهها آثارٌ على تفسير الأحداث، وتوجيهها.

ثالثاً: أثرُ النازلة في العقيدة والمنهج والتفكير.
أعجبتني كلمةٌ لبعضِ المؤلّفين؛ حيث يقول في مقدمة كتابٍ له: «ولعلَّك واجدٌ في هذه النافلةِ أخباراً لا تروقُك، أولا يُصدِّقُها ظنُّك، فتجاوزْها! فإنَّ ذلك لا يضرّك؛ لأنني لستُ ممن يحكّم الواقعَ في الشرع الحنيف، وقِفْ عند القواعد العلميّة؛ لأنها أصلُ هذا التصنيف»اهـ.

فمن مزالقِ المتحمسين: تحكيم الواقعِ في الشرع. وذلك مفضٍ إلى الانحراف عن الجادة، والعماية عن الحق.

ألم ترَ أنَّ البعضَ حين تشرحُ له موقِفَ السلفِ –رحمهم الله- من بعضِ الفتنِ؛ بأدلةٍ شرعيّة، وقواعدَ فقهية معتبرة، يردُّ قولَك بسردِ (حوادثَ) حصلَتْ، و(تحليلاتٍ) قيلَتْ أو تُخيِّلَتْ.

وهاأنذا أذكرُ لك طرفاً مما بان لي خطرُه على عقيدة المسلم، فمن ذلك:
- روى لي بعضُ الشبابِ شيئاً مما تشيعُه «قناة الإفساد» عن أهل العلم، ثم علّق على الخبرِ بكلامٍ يوحي بتوجّسِه من بقيّة العلماء!

وأقولُ: لتكن التهمةُ التي أشِيعَتْ عن ذلك الشيخ صحيحةً، فهلاّ حُمِلت على المحملِ الحسن، وهي تقبلُ ذلك.
بل ليكن ذلك المُتَّهمُ ساقطَ العدالة، مستحقاً للفضح؛ فما بالُ أهلِ الصدق والعدالة؟
أيسقطُونَ بوزرِ غيرِهم؟!

ثم لاحِظ –أخي الكريم- أثرَ تلك الشائعة، وكيفَ دفعتْ البعضَ إلى الشك في أهلِ العلم عامة، وذلك الشكُّ طريقٌ إلى ردّ ما عند العلماء من العلم، وسبيلٌ إلى الشكّ في أشياء أخرى على رأسِها: عقيدة أهلِ السنة والجماعة.

وتُشاع في أيام المطارداتِ الأمنيّة لأصحابِ الفكر التفجيري بعضُ الروايات لبعض الأحداث؛ تكذّبُ ما تعلنُه وسائل الإعلامِ الرسمية.

وسواء صدقت تلك الإشاعات أم لا؛ فإنّ لجُلِّها أثرٌ على بعضِ من نقَصَ إدراكُهم؛ إذ يميل بقلبِه إلى أصحاب تلك الأفكار الشاذة، ويسيء الظنّ بأهل العلم الناصحين؛ فيقعُ في (حيصَ بيص) كما يقال!.

نسأل الله السلامة من كل فتنة مضلة.

وفي الختامِ دونَكم هذه الدرة:

قال بعضُ السلف: «إذا أقبَلَت الفتنةُ لم يعرفْها إلا العالم، وإن أدبرت عرفَها العالمُ والجاهل».

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبِه والتابعين لهم بإحسانٍ –اللهم اجعلنا منهم- إلى يوم الدين.


ناصر بن عبد الله الخزيِّم

27 / 3 / 1426هـ



الأربعاء، يناير 30، 2013

الجواب في سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم



بسم الله الرحمن الرحيم


كثُرَ في هذا العصر تنازع الناس في مسائل أثارتْها الفتن، والفتنُ امتحان للقوب، ومن هذه المسائل: مسألة السمع والطاعة لولي الأمر المسلم.
ولقد تفرّع الخلافُ إلى قضايا عديدة.. وأحب هنا أنْ أبحث عن جواب ما تنازع فيه الناس في سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ففيها الحق المبين. عملا بقوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} [النساء: 59] قال مجاهد وغير واحد من السلف:«أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله» [تفسير القرن العظيم، ابن كثير: 2/ 345 ط، دار طيبة الإصدار2]
وسنةُ الرسول صلى الله عليه وسلم شارحة لكتاب الله تعالى، ومفصِّلة لمجمله.
وإنِّي أرجو منك أخي القارئ أن تقف معي على هاتين الآيتين الكريمتين:
1-قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسولَ وأولي الأمر منكم}. [النساء: 59]
قال ابن عبَّاس: نزلَت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي، إذ بعثَه النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم في سريَّة. [صحيح البخاري: رقم: 4584].
وقد أوردَ الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية طائفة من الأحاديث التي تأمر بالسمع والطاعة بالمعروف لولاة الأمور (=الأمراء)، وقال: «الأحاديث في هذا كثيرة» [تفسيره: 2/ 344] ثم قال رحمه الله: «والظاهر والله أعلم أنَّ الآية عامة في جميع أولي الأمر من الأمراء والعلماء» [2/ 345].
2- قال تعالى: {وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا} [الأحزاب: 67] قال ابن كثير: «أي: اتبعنا السادة وهم الأمراء والكبراء من المشيخة».  [تفسيره: 6/ 484].
يفهم البعض من هذه الآية ونظائرها، أو يحاول أن يفهِمَنا أنَّ طاعة عصاة ولاة الأمور اتباع لسبيل الضالين، وتحاكم إليهم دون القرآن، مطلقا.
فيضرب بين هذه الآية والآية السابقة.
والحق واضح. فطاعة هؤلاء الهالكين لأسيادهم تقليدٌ أعمى. قال القرطبي: «أي:أطعناهم في معصيتك وما دعونا إليه فأضلونا السبيلا»[تفسيره: نسخة موقع: إسلام ويب].
وهي طاعةٌ لأئمة كفر، وفي كفرٍ وضلالٍ وفجور. وطاعةٌ لـ«غيرِ الله في معصيةِ الله ورسولِه»[التفسير الميسر، ط المجمع: 427] وعاقبة ذلك: {يوم تُقلَّب وجوهُهُم في النَّارِ يقولون يا ليتنا أطعنا الله  وأطعنا الرسولا}[الأحزاب: 66]. وقال تعالى: {إذ تبرأ الذين اتُّبعوا من الذين اتَّبعوا ورأوا العذاب وتقطَّعَتْ بهم الأسباب (166) وقال الذين اتَّبعوا لو أنَّ لنا كرَّة فنتبرأَ منهم كما تبرَّأوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسراتٍ عليهم وما هم بخارجين من النار} [البقرة: 166، 167]
فمن أطاعَ غيرَ الله في معصية الله فقد ضل.
ولا يعني هذا عدم طاعة ولي الأمر بالمعروف، فإنَّ من طاعةِ الله تعالى ورسوله أن تطيعَ من ولاه الله أمر المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله، ومن يُطع الأميرَ فقد أطاعني، ومن يعصي الأمير فقد عصاني)) [البخاري: 2957ومسلم: 1835].
 فطاعةُ أهلِ السنَّة لمن ولاه اللهُ أمرَهم: استجابةٌ لأمرِ الله واتّباعٌ لنبيِّه صلى الله عليه وسلم. وليست تملُّقا للسلاطين ورجاءً لما عندهم ورهبةً منهم، كما يدَّعي ذلك مَن تقلَّبَتْ بهم الأهواء.
س/ إذن، ماذا لو أمرَ الأميرُ بمعصية؟
ج/ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الطاعة بالمعروف)) [البخاري: 4340] وفي لفظ [مسلم: 1840]: ((لا طاعةَ في معصية الله، إنَّما الطاعةُ في المعروف)).
وقال عليه الصلاة والسلام: ((السمع والطاعةُ حقٌّ ما لم يؤمَرْ بمعصيَةٍ، فإذا أُمِرَ بمعصيةٍ فلا سمع ولا طاعة)) [البخاري: 2955].
قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: ((أطعْه في طاعةِ الله، واعصِهِ في معصية الله)). [مسلم: 1844].
 وأهلُ السنَّة لا يدعون الناسَ إلى طاعة السلطان في معصية الله، كما يزعم ذلك الكاذبون، ولا هم يتحاكمون إلى أوامر السلاطين فيحكّمونها في دينهم، كما يفهم ذلك كثيرٌ من الأغبياء.
س/ وإنْ استأثر الحاكمُ بالأموال دوننا؟
ج/ قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: ((عليك السَّمْعُ والطاعة، في عُسْرِكَ ويُسرِك، ومنشَطِك ومكرَهِك، وأثرَةٍ عليك)) [مسلم: 1836].
سألَ سَلَمةُ بن يزيد الجُعْفِي رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم، فال: يا نبيَّ الله! أرأيتَ إن قامَتْ علينا أُمراءُ يسألوننا حقَّهم ويمنعوننا حقَّنا، فما تأمرُنا؟ فأعرَضَ عنه، ثم سألَه فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو الثالثة فجذبَه الأشعث بن قيس وقال: ((اسمعوا وأطيعوا، فإنَّما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلْتُم))[مسلم: 1846].
وفي رواية بعدَها: فجبذه الأشعث بن قيس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اسمعوا وأطيعوا....))الحديث.
س/ وما الذي علينا تجاه ظلم الحاكم الظالم؟
ج/ قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: ((إنَّكم ستلقون بعدي أَثَرَة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)) [مسلم: 1845]
وقال عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ رأى من أميرِه شيئا يكرهُه فليصبر عليه، فإنَّه من  فارق الجماعة شِبْرًا فمات إلا مات ميتة جاهليَّة)) [البخاري: 7054، واللفظ له، مسلم: 1849].
أي: «أي: مات على الضلالة كما يموت أهل الجاهلية عليها، فإنهم كانوا لا يدخلون تحت طاعة أمير» [فتاوى اللجنة الدائمة: الفتوى رقم: (17627) موقع: الرئاسة العامة للبحوث العلميَّة والإفتاء:  http://www.alifta.net]
 فالأمر بالصبر على الاستبداد والأثرة: أمرٌ نبوي ومنهاجٌ سلفي، وإن رضيَ بعضُ الحقوقيين وأتباعهم غيرَ ذلك.
وقال عليه الصلاةُ والسلامُ: ((تسمع وتطيع للأميرِ، وإنْ ضُرِبَ ظهرُك، وأخِذَ مالُك، فاسمَعْ وأطِع)) [مسلم: 1847، الرواية الثانية].
وقد حاول صاحب كتاب «أسئلة الثورة» أن يُضعِّفَ زيادة: ((وإنْ ضُرِبَ ظهرُك، وأخِذَ مالُك، فاسمَعْ وأطِع))، وهي من رواية الإمام مسلم في صحيحه، وسلك إلى تضعيفها طريقةً تدل على استخفافه بعقول القراء والمتابعين له، وللأسف الشديد! وانظر تفصيل ذلك في كتاب: «كشف أبرز شبه: "أسئلة الثورة"» لعلي بن فهد أبابطين (ص: 76 – 84).
وليس الإشكال في أنَّه حكم على إسناد هذه الزيادة بالضعف –وحسب-، بل في الطريقة الخَلَفيَّة الرديئة التي سلكها لهدم هذا الحديث سندا ومتنا.
وحاول أحدُ الوعاظ أن يستغل التفاتَ قلوبِ العامة إليه واغترارهم به في تحريف معنى هذا الحديث.
وقد ردَّ عليهما فضيلة الشيخ الدكتور: صالح بن فوزان آل فوزان، بمقالٍ مختصر بعنوان: «تنبيه على خطأ في شرح حديث: وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك»   http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13975
 وفي الأحاديث الصريحة الصحيحة مما يدل على مشروعيَّة الصبر على جورِ السلطان، ما يشفي ويقطع الطريق على كل متصيِّد. حتى لو أخذنا بتضعيف الحديث الآنف الذِّكر.
س/ وماذا لو كان الحاكمُ فاسقا جائرا. أنسمع ونطيع؟
ج/ قال النبي صلى الله عليه وسلَّم: ((ألا منْ ولي عليه والٍ، فرآهُ يأتي شيئا من معصيةِ الله، فليكره ما يأتي مِنْ معصية الله، ولا ينزِعنَّ يدًا من طاعة)) [مسلم: 1855، الرواية الثانية]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: ((إنَّها ستكون بعدي أَثَرَةٌ، وأمورٌ تنكرونَها))، قالوا يا رسولَ الله! كيف تأمرُ من أدْرَك منَّا ذلك؟ قال: ((تؤدُّون الحقَّ الذي عليكم، وتسألون اللهَ الذي لكم)). [مسلم: 1834].
 ومع أنَّ علماء السنَّة يدعون الراعي إلى أداء حقوق الرعي، والرعيةَ إلى حقوق الراعي، إذ إنَّ كل أحد يُخاطب بما يحتاجه، ولا يزال العلماء يشرحون حقوق الطرفين على بعضهما في دروس وكتب، إلا أنَّ الهازئين الجاهلين لا يكفُّون عن السخرية بعلمائنا قائلين: "أزعجتمونا بحقوق الراعي، فأين حقوق الرعيَّة؟!".
وعن جنادة بن أبي أميَّة قال: دخلْنا على عبادةَ بنِ الصامتِ وهو مريضٌ، فقلنا: حدِّثْنَا، أصلحَك اللهُ، بحديثٍ ينفعُ اللهُ به، سمعتَه من رسولِ الله صلى الله عليه وسلَّم، قال دعانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلَّم فبايعناه، فكانَ فيما أخذَ علينا، أنْ بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويُسرنا، وأَثَرَةٍ علينا، وأن لا ننازع الأمرَ أهلَه، قال: ((إلا أنْ تَرَوا كُفْرًا بواحًا عندَكم من الله فيه بُرهان)) [البخاري: 7055 ، ومسلم –واللفظ له-: 1709 (42 من أحاديث كتاب الإمارة)]
س/ وما موقفنا من منكراتِه؟
ج/ في صحيح مسلم عن طارق بن شهاب قال: أولُّ من بدأ بالخُطبة يوم العيدِ قبلَ الصَّلاة مروانُ، فقام إليه رَجُلٌ فقال: الصلاةُ قبلَ الخُطبة. فقال قد تُرِكَ ما هُنالِك.
فقال أبو سعيدٍ (يعني: الخُدْرِي) : أمَّا هذا فقد قضى ما عليه، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلَّم يقول: ((مَنْ رَأى منكم مُنكرًا فليغيِّرْه بيده، فإنْ لَم يستطع فبلسانه، فإنْ لم يستطع فبقلبِه، وذلك أضعف الإيمان)) [مسلم: 49].
قال الحافظ ابن رجب: «الإنكار بالقلب فرض على كل مسلم في كل حال، وأما الإنكار باليد واللسان فبحسب القدرة» [جامع العلوم والحِكَم، شرح حديث: من رأى منكم منكرا. (نسخة إلكترونية: موقع: إسلام ويب)]
والتغيير باليد لا يعني الخروج عليهم، أو قتالهم. قال ابن رجب رحمه الله: «جهاد الأمراء باليد أن يزيل بيده ما فعلوه من المنكرات، مثل أن يريق خمورهم أو يكسر آلات الملاهي التي لهم، ونحو ذلك، أو يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كان له قدرة على ذلك، وكل هذا جائز، وليس هو من باب قتالهم، ولا من الخروج عليهم الذي ورد النهي عنه». [المصدر السابق]
وقال رحمه الله: «إن خشي في الإقدام على الإنكار على الملوك أن يؤذي أهله أو جيرانه، لم ينبغ له التعرض لهم حينئذ، لما فيه من تعدي الأذى إلى غيره ، كذلك قال الفضيل بن عياض وغيره، ومع هذا، فمتى خاف منهم على نفسه السيف، أو السوط، أو الحبس، أو القيد، أو النفي، أو أخذ المال، أو نحو ذلك من الأذى، سقط أمرهم ونهيهم، وقد نص الأئمة على ذلك، منهم مالك وأحمد وإسحاق وغيرهم» [السابق]
وفي كلامه هذا -رحمه الله- ردٌّ على دعاة المظاهرات الذين لا يبالون أَهُتِكَت الأعراض بسببهم أم سفكت الدماء وتعطلت عموم المصالح وعمَّ الخراب!
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: ((ستكون أُمرَاءُ، فتعرِفون وتُنْكِرون، فمن عَرَفَ برئ، ومن أنكَرَ سلِم، ولكن مَنْ رضي وتابَع)). قالوا: أفلا نقاتِلُهم؟ قال: ((لا، ما صلّوْا)) [مسلم: 1854].
وقال عليه الصلاةُ والسلام: ((ألا مَنْ وَليَ عليه والٍ، فرآه يأتي شيئا مِنْ معصية الله، فليكرَه ما يأتي من معصيةِ الله، ولا ينزِعَنَّ يدًا من طاعة)) [مسلم: 1855، الرواية الثانية]
وبوَّبَ النووي في شرحه على مسلم: «باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالِفُ الشرع...».
س/ كيف يكون الإنكار على الحاكم؟
ج/ في صحيح البخاري عن أبي وائل قال: قيلَ لأسامة: لو أتيت فلانا (يعني: عثمان) فكلَّمتَه، قال: إنَّكم لترونَ أنِّي لا أكلِّمه، إلا أُسمِعُكم. إنِّي أكلِّمه في السرِّ دون أن أفتح بابًا أكون أوَّل من فتحه... [البخاري: 3267، واللفظ له، مسلم: 2989]
قال الشيخ ابن باز –رحمه الله-: «ليس من منهج السلف التشهير بعيوبِ الولاة وذكر ذلك على المنابر، لأنَّ ذلك يُفضي إلى الفوضى، وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويُفضِي إلى الخوض الذي يضرُّ ولا ينفَع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان أو الكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يُوجَّه إلى الخير».اهـ [المعلوم من واجب العلاقة الحاكم بالمحكوم: أسئلة أجاب عليه الشيخ ابن باز رحمه الله وطُبعت في رسالة صغيرة].
ومسألة الإنكار علانية مما يكثر الخلط فيها. وضرب النصوص بعضها ببعض، وأقوال العلماء بعضها ببعض، وسبب ذلك الهوى والعجَلة. وللعلماء سلفا وخلفا كلام فيها. ليس هذا موضع بسطه.
وقد فصَّل الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- في هذه المسألة تفصيلا يزيل اللبس. وكان مما قال: «جميع الإنكارات الواردة عن السلف إنكارات حاصلة بين يدي الأمير أو الحاكم. وهناك فرق بين كون الأمير حاضراً أو غائباً...»اهـ. [لقاء الباب المفتوح 62، نسخة إلكترونيَّة: موقع: إسلام ويب]
ولمزيدٍ من التفصيل راجع الشريط رقم 62 من اللقاءات:
http://www.ibnothaimeen.com/publish/cat_index_226.shtml
وقد كتب عدد من الأفاضل مقالاتٍ نافعة في بيان الفروق بين سبيل السلف وسبيل مَن أحدَثَ ممن خلَف في نصح السلطان. منها سلسلة مقالات كتبها الشيخ صالح السويح تحت عنوان: «السلاطين بين نصح الصادقين، وتهييج الثائرين».
 وخلاصة الأمر: أن يتحرَّى الناصحُ أحسنَ السبل لنصيحة الإمام وردِّه عن الشرِّ، ويتوخى أقرب طريق لقبوله، ويبتعد عن شحن نفوس الناس عليه، وكسر هيبته بينهم، وتثبيطهم عن طاعته في المعروف، وتزيين الخروج لهم، لأن ذلك يُفضي إلى الفوضى والفساد.
س/ ما حكم من مات وليس في عُنقه بيعة؟
ج/ في صحيح مسلم عن نافع قال: جاء عبدُ الله بن عمر إلى عبدِ الله بن مُطيع، حين كان مِنْ أمرِ الحرَّةِ ما كان، زمن يزيد بن معاوية، فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادةً، فقال: إنِّي لَمْ آتِكَ لأجلِسَ، أتيتُكَ لأحدِّثكَ حديثًا سمعتُ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((من خلَعَ يدًا من طاعةٍ، لقِيَ اللهَ يوم القيامةِ لا حُجَّةَ له، ومن مات وليس في عُنُقِه بيعةٌ، ماتَ مِيتَةً جاهليَّة)) [مسلم: 1851]
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: ((من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فماتَ، ماتَ مِيتَةً جاهليَّة)) [مسلم: 1848].
وعن ابن عبَّاس عن النبي صلى الله عليه وسلَّم قال: ((من كَرِهَ مِن أميره شيئا فليصبر، فإنَّه من خرَجَ من السلطان شِبْرًا ماتَ ميتة جاهليَّة)) [البخاري: 7053]
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (في مسائل الجاهليَّة) : «الثالثة: أنَّ مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له فضيلة، والسمعَ والطاعةَ له ذلٌّ ومهانة، فخالَفهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأمَرَ بالصبر على جورِ الوُلاة، وأَمَرَ بالسمع والطَّاعة لهم والنصيحة، وغلَّظ فيه وأعاد»اهـ.
س/ ما حكم الخروج على الحاكم الكافر؟
ج/ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إلا أنْ تَرَوا كُفْرًا بواحًا عندَكم من الله فيه بُرهان)) [البخاري: 7055 ، ومسلم: 1709]
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: « لا يكون إلا إذا وجدت أمة قوة تستطيع إزالة الحكم الباطل. أما خروج الأفراد والناس العامة الذين يفسدون ولا يصلحون فلا يجوز خروجهم، هذا يضرون به الناس ولا ينفعونهم»اهـ. انظر: http://www.binbaz.org.sa/mat/4178
وقد فصَّل أهل العلم في ذلك، يقول الشيخ عبد العزيز الراجحي:
«لا يجوز الخروج على ولي الأمر إلا بشروط خمسة دلت عليها النصوص من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم:
أحدها: أن يفعل ولي الأمر كفراً لا فسقاً ولا معصيةً.
 الثاني: أن يكون الكفر بُواحاً. أي واضحاً لا لبس فيه، فإن كان فيه شكٌ أو لبسٌ، فلا يجوز الخروج عليه.
الثالث: أن يكون هذا الكفر دليله واضحٌ من الكتاب أو السنة، ودليل هذه الشروط الثلاثة قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لمّا سُئل عن الأمراء وظلمهم قال: ((إلا أن تروا كفراً بُواحاً عندكم من الله فيه برهان)) [متفق عليه].
الرابع: وجود البديل المسلم الذي يحل محل الكافر، ويُزيل الظلم، ويَحكم بشرع الله، وإلا فيجب البقاء مع الأول.
الخامس: وجود القدرة والاستطاعة، لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) [متفق عليه]».اهـ[بيان: حكم المظاهرات، موقع الشيخ عبد العزيز الراجحي:  http://shrajhi.com//Fatawa/ID/1315 ]
وكأني بشابٍّ يسأل –مستنكرا- فيقول: لماذا البحث في هذه القضايا وتكرارها؟!
وأقول:
1-إنَّ هذه المسائل قد حكمَتْ فيها الشريعةُ، فنشرها –على ما جاءت به السنة- نشرٌ لشيءٌ من الشريعة. وإنكارُ الغلط الشائع في هذه المسائل إنكارٌ للمنكر.
2- إنَّ هذه المسائل مع وضوح الأدلة فيها قد كثر فيها اللبس والتلبيس، مما يدلّ على شيوعٍ أهواءٍ يريد أصحابُها حرْف الناس عن السنة. وقد نجوا في ذلك كثيرا بعد الفتن الأخيرة، فجرأوا العامة على علماء السنَّة، وتكرر استهزاء البعض ببعض الأحاديث الثابتة في الصحيح، واستصغار نعمة الله عليهم في بلد التوحيد والسخرية بمن يقرّ بها، وتسمية من يدعو إلى ما أمرت به السنة في معاملة السلطان وسار على طريقة علماء هذا البلد كابن باز وابن عثيمين رحمهما الله: غلاة طاعة، وطلاب دراهم السلطان... وتفنن مزينو المظاهرات والاعتصامات في لمز مخالفيهم في منهج الإنكار على الولاة، هذا مع دعواهم المكرورة في إعذار الاجتهاد الآخر (!) التي تبين أن المراد منها فسح المجال أكثر لأهوائهم ومن يهوون !
3- الإخلال بهذه الأصول والضوابط الشرعيَّة في معاملة الحاكم يعرِّض المجتمع لفوضى وضياع الدماء والأعراض.
4- اشتداد الفتن من حولنا، وتشوُّف الكثيرين لجرِّها إلينا في بلاد التوحيد يدعو أهلَ الغيرة إلى أن يبذلوا ما يستطيعون في وأدِها في مهدها... كيف وقد كادت أن تكون جذعة؟!
أيها الشاب، لا تفسح لمن يريد التلاعب بدينك، وعقلك، وأمنِ مجتمعك، فتكون ألعوبة بأيديهم!
ولا تدع العواطف تحيد بك عن الصراط المستقيم.
ولا تغرَّنك كثرة المتلطخين بالفتنة، وما في كلامهم من بهرج... واصبر نفسَك على السنَّة، فهي أغلى وأنفس منهم أجمعين!


كتبه: ناصر بن عبد الله بن ناصر الخزيم
@Nasseralkhozim
في: 18 / 3 / 1434