السبت، مارس 17، 2018

غاراتُ التغريب



ستخيبُ حتْمًا هذه الغاراتُ
يومَ القيامةِ تُفضَحُ النيّاتُ

ذَرْهُمْ يخوضوا لاعبينَ فجمعهمْ
مهما تكاثَرَ فُرقَةٌ وشَتاتُ

يتفرقون عن الدليل إلى كُوًى
فتسوقهم نحو الردَّى الظّلُمَاتُ !

يتمرَّغُونَ بجهلِهِمْ فتَفَجَّرَتْ
مِنْ فوّهاتِ قلوبِهِمْ شُبُهَاتُ

متشككونَ ويجزمونَ كذا الغرورُ
إذا طغى تستأسِدُ النّكِرَاتُ

يدَعُ الغباءَ عنادُهم جَسَدًا على
نَتَنِ التخرّص والهوى يقتاتُ

يتهللون إذا رأوا قولَ العِدَى
ويُقَطّبون إذا انجَلَتْ آياتُ

نادَى المؤذّن للصلاة
فأغلَقَ النَّــــاسُ المتاجِرَ وازدهَتْ طُرقَاتُ

فتصايَحَتْ نَعّاقَةُ التغريبِ:
« كيف تقودكُمْ عن بَيْعِكُم صلواتُ؟!»

وتهامسوا: يا صحبَنَا، صوغوا هوًى
مُتَأَسْلِمًا لتؤَثِّرَ الكلمَاتُ !

يا طغمَةَ التغريبِ لا تتهامسوا !
فبطونُ أحرفِكُمْ لها أصواتُ !

اللهُ أكبر ! ما أشدَّ كروبَكم !
لم تُؤْوِكُمْ تقوًى ولا شهواتُ !

أنتُم عِبادُ الغربِ.. يأنَفُ منكمُ
فتبوح عن هذا الأسى النَّزواتُ !

سميّتُمُ أمرَ الإله تشددا
وتخلُّفًا... فرؤوسُكُمْ عاهَاتُ !

وإذا تجشّأَ طاعِنٌ في دينِنَا
قلتُمْ بزهْوٍ: قالتِ القامَاتُ !

يا طُغْمَةَ التغريبِ إنّ شجونَكُمْ
في بؤرَةٍ ترتادُها الحيَّاتُ

فضحَ الفحيحُ سمومَكم، إنّ الأُلَى
تَخِذُوا النِّفَاقَ دريئَةً لَعُراةُ !

السنّةُ الغرّاءُ تكسرُ كُلّ مَنْ
مالتْ إلى التحريفِ منه قَناةُ

السنّةُ الغراءُ نورٌ ساطعٌ
بعثَتْهُ نحوَ العالمينَ هُداةُ

لا زالَ محرومًا يعيبُ نجومَنا
من خيّمَتْ في مُقْلَتَيْهِ قذاةُ

العيبُ فيكَ إذا عَمِيتَ عن الهُدَى
جرّتْ سقوطَكَ في العَمَى خُطواتُ !

ناصر بن عبد الله الخزيّم
28 / 6 / 1439

«اعلم أرشَدَك الله لطاعتِه!»


بسم الله الرحمن الرحيم

اعلم –أُخَيَّ الناصحَ- جعلَك الله من المباركين أنَّ الرفق واللين في القول من أهم أسباب نجاح الداعيَّة إلى الله تعالى. قال تعالى لموسى وهارون -عليهما السلام-: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44]. وقال صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة! إنَّ الله رفيقٌ يحبُّ الرِّفقَ، ويُعطِي على الرِّفقِ ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سِواه» [صحيح مسلم: (2593)].
قال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري -رحمه الله-: «معناه: أنه ييسر بالرفق ما لا ييسر بالعنف»[1].

وقال –رحمه الله-: «(الرفق): هو اللين في القول والفعل والسلوك، والأخذ بالأسهل، وهو ضِدُّ العُنْف»[2].


والرفق خصلةٌ من خصال ثلاث للداعية الناجح، قال سفيان الثوري رحمه الله: «لا يأمرُ بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا من كُنَّ فيه خصال ثلاث: رفيقٌ بما يأمر به، رفيق بما ينهى. عدل بما يأمر، عدلٌ بما ينهى. عالم بما يأمرُ، عالمٌ بما ينهى»[3].

ومن الرفق: اللين في القول، والتأليف بالدعاء.

ولقد صدَّر الإمام المجدد -رحمه الله- رسالتَه «الأصول الثلاثة» بقوله: «اعلم رحمَك الله»، وهذا من تأليف المدعو بالدعاء وهو سمة واضحة في رسائل الشيخ. قال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم –رحمه الله- في «حاشية ثلاثة الأصول»[4]:

«كثيرا ما يجمع -يعني الإمام محمد-رحمه الله عندما يرشد الطالب بتقرير الأصول المهمة بينها وبين الدعاء له. وهذا من حسن عنايته ونصحه وقصده الخير للمسلمين»اهـ.



وقال الشيخ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني: «لا شك أن الدعاء للمدعو مما يشرح صدره، ويجذب قلبَه»[5]. وقال: «ولهذا استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم في دعوتِهِ كثيرا»[6].



وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: «كان أصحاب ابن مسعود إذا مرُّوا بقومٍ يرون منهم ما يكرهون، يقولون: مهلا رحمكم الله!»[7].



فاجتمع في رسالة الشيخ رحمه الله محاسنُ تميل قلبَ القارئ إلى القبول، هذه واحدة منهن.



ناصر الخزيم
1430

[1] - منة المنعم في شرح صحيح مسلم، لصفي الرحمن المباركفوي: (4/ 189)، ط: الأولى، دار السلام. وانظر: القول البين الأظهر، للشيخ عبد العزيز الراجحي: 52، ط: مكتبة دار السلام.

[2] - السابق: (4/ 188).

[3] - كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من مسائل الإمام المبجل أبي عبد الله أحمد بن حنبل، تصنيف: أبي بكر الخلال، تصحيح وتعليق: إسماعيل الأنصاري: 33، ط: دار الصميعي.

[4] - ص: 9، الطبعة الثامنة.

[5] - فقه الدعوة في صحيح البخاري: (1/ 531) الطبعة الأولى.

[6] - السابق: (1/ 176).

[7] - كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من مسائل الإمام المبجل أحمد بن حنبل: 33.

كُليْمَة في رسالة «الأصول الثلاثة»

الحمد لله ناصرِ الموحدين ومُذلِّ المشركين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيل المؤمنين، أما بعد؛

فلقد كانت رسالة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (ت: 1206) -رحمه الله تعالى وأجزل مثوبتَه- المعروفة بـ«الأصول الثلاثة»: درَّةً من بديع ما تركَه الإمام من خير كثير عميم. اعتنى بها أهل العلم، شرحا وتقريرا، والمتعلمون حفظا وتفهُّما.

وهي على صِغَر حجمها قد حَوَتْ أعظم المعارف، وأهم ما ينبغي للمسلم تعلمه والعمل به.

فكانت حَريَّة بالمجالِسِ الكثيرة المعقودة في تدارسها، والمؤلفات الوافرة في كَشْفِ معانيها.

وإنَّ الناظِرَ فيها وفيما استخرجه العلماء من معانيها ليقِفُ على علوم غالية فيها تصحيحٌ لما دخَلَه الخلل من اعتقاد المسلم أو عملِه.

وبدا لي -على ذلك- أن أجول في رياضها وأقطف ما تيسر لي من ثمارها. وإن كان مثلي لا يتهيأ له أن يبصر ما يستطيعُ حديدُ البصيرة أن يقف عليه ويسبر غورَه؛ وحسبي أن أشارك القارئ بقليل نافع -إن شاء الله-. طالبا منه أن يلفتَ نظري إلى أي خلل، فالناصح من أهداك عيوبَك؛ مصوّبا لا شامتا. غفر الله لي ولك -أخي القارئ- والمسلمين، وأرشدنا إلى مرضاته.


فصلٌ: ذكَر أحدُ الشارحين أنَّ الإمام المجدد –رحمه الله- كتب أربع رسائل تدور في موضوع «الأصول الثلاثة»، وبينها تفاوت؛ فبعضها أربى مسائل من بعض، وأنَّ جامع «الدرر السنيَّة» قد جعلها متتابعة من ص/ 125 إلى ص/ 158، من الجزء الأول. وقال -أعني الشارح-: إنَّ أطولها الرسالة الأولى (125 – 136)، وهي الرسميَّة المنشورة باسم «الأصول الثلاثة»اهـ.

ولها -أي الرسالة- شروح كثيرة من أشهرها وأظنه أول شرح لها: «حاشية الأصول الثلاثة» للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم -رحمه الله- ولها شروح وفيرة مسجلة في أشرطة لعلمائنا -جزاهم الله خيرا-.


فصلٌ فيما تضمنته هذه الرسالة: قال الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-:
«قرَّرَتْ «ثلاثةُ الأصول»: توحيدَ الربوبيَّة، وتوحيدَ الأولوهيَّة، والولاء والبراء، وهذا هو حقيقة دين الإسلام.
ولكن قف عند هذه الألفاظ واطلب ما تضمنت من العلم والعمل. ولا يمكن العلم إلا أنك تقف عند كل مسمى منها».اهـ.

وقال –رحمه الله-: «والحاصلُ أنَّ مسائل التوحيد ليست من المسائل التي هي من فنِّ المطاوعة خاصَّة؛ بل البحث عنها وتعلُّمُها فرضٌ لازم على العالم والجاهل»اهـ. [«تاريخ نجد» لابن غنام: 311، ط/دار الشروق]. و(المطاوعة): المرشدون ونحوهم.
أسأل الله تعالى أن علمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علَّمنا، ويعيننا على أنفسنا. 
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.



كتبها تشويقا لإخوانه بقراءة تلك الرسالة وتحبيبا لعلم التوحيد:
ناصر الخزيم
ليلة الأحد: 21 / 1 / 1430هـ.