الاثنين، ديسمبر 24، 2018

رحيل..

جدّتي هَيَا


رحَلْتِ، وأيدي الذكرياتِ تجاذَبَتْ

سجايًا لها جِسمٌ أغرُّ مُحجّلُ

تبسّمَ عن فَجْرٍ من الطُّهْرِ، نورُه:

صلاةٌ، وهتّانٌ من النُّصحِ يهْطِلُ

ويقظَةُ إيمانٍ، وصدقُ مقالَةٍ

ورأيٌ وحبٌّ للوئامِ يُؤثّلُ

وبِرٌّ وإحسانٌ وإحياءُ مَنْزِلٍ

بذكرٍ وتذكيرٍ وصوتٍ يُهلّلُ

فيا له مِنْ نورٍ، ويا لَمغيبِهِ!

مضَى فأتى جُنحٌ من الليلِ أليَلُ

ويالَكِ من أمٍّ أثارَ رحيلُها

خبايًا من الأشجانِ تذكو فتُذهِلُ!

لكلٍّ فقيدٌ غيرَ أنَّ افتقادَها

يُري فاقديها الأرضَ صفراءَ تمحَلُ

فقد كانت الظلَّ المليءَ سعادَةً

وكُنّا إذا أُبْنَا نُسَرّ ونَنْهَلُ

وكانت إذا جِئْنَا بشتّى مشاعِرٍ

تجيبُ بصافي الرأيِ من كانَ يسألُ

«هَيَا» صفحةٌ لم يطْوِها الموتُ إنَّها

وإنْ ماتَ جِسْمٌ لم تَزَلْ تَتَهَلَّلُ

«هَيَا» عُمُرٌ كُنّا نعيشُ ببعضِه

ولا زالَ في الذكرى يروحُ ويُقبِلُ

«هَيَا» صِلَةُ الماضي الجميلِ بعصرنَا

وأجيالُ ذاك العهدِ أنقَى وأجمَلُ

رحَلْتِ عن الدنيا، وإنَّ إلهَنا

رحيمٌ حليمٌ غافِرٌ متَفَضّلُ

ناصر بن عبدالله الخزيم


إخاء




وقفتُ أمامَ انحسار البكاءْ
رهينَ اشتياقٍ لهَتْكِ الجفاءْ

فما ولّدَ الدمعُ غير الفتورِ
كأني نشيدٌ ذوى حينَ جاءْ

أرجّلُ ذكرى فيزورّ كِبْرا
ويتركني رعشَةً في الشتاءْ

كأنَّ امرأ القيسِ أوحى له
بسلّ الثيابِ من الأصفياءْ

وفتلِ الملامِ وشدّ النجومِ
لتحرسَ قمّةَ هذا الشقاءْ

فلا بأسَ! لا بأسَ إنَّ العبورَ
إلى النورِ عبر جسورِ العناءْ

وإن كثُر الجمعُ عند الرخاء
فسوف يقلّونَ بعد الرخاءْ


ويفقد دعواهُ من أزعجَتْ
نواياهُ كهربَةٌ في اللقاءْ

وأما أنا فبجسمي حريقٌ
وإني أرى الهولَ يحجِبُ ماءْ

عسيرٌ عليَّ ذوابُ التفاني
على عتباتِ منيفِ الإخاءْ

فأوله رحلَةٌ في الأماني
وآخره صرخَةٌ في العَرَاءْ

بها تستبينُ القلوبُ القلوبَ
وفي الكرْبِ مدرسَةٌ للضياءْ

ناصر الخزيم


دعيهمْ !

يُقابِلُهمْ في الطّريقِ نداكِ
وهم يسخرونْ!
وهم يكذبونْ!
دعيهِمْ يخوضوا بوحْلِ الضغينَةْ
بنفْسٍ مهينَةْ
فهمْ يهبطونْ
وهم يسقطونْ
أراهم يرونَكِ، فوقَ القِمَمْ..
بعينِ الألَمْ
وهمْ يشتمونْ
وهم ينبحونْ
وأنتِ تمرينَ بين الغيوم
وهم.. يا بلادي....
وهم يا بلادي....

وأنتِ «بلادي»، وهم حاقدونْ

ناصر الخزيم

‏28 / 1 / 1440

سيفان ونخلة


لخيالي ملاعبٌ في جَمالِكْ
وانجذابٌ إلى تخومِ خيالِكْ

وعزاءُ ابتعادِ وجهِكَ يومًا
أنَّني لم أَجُزْ حدودَ مجالِكْ

لكَ في القلبِ نخلَةٌ تتباهى
إنْ رأتْ أنَّ أصلَها في رمَالِكْ

ولسيفَيْكَ هيبَةٌ في قلوبٍ
عرَفَتْ حتفَ من أتى لنزالِكْ

ما بدَا منْ نُباحِ كلبٍ شقيّ
غيرُ صوتٍ مُفزّعٍ من جلالِكْ

لَمْ يزِدْ جمرةَ الحسودِ ضرامًا
غيرُ ما شعَّ من عظيمِ خصالِكْ

وطني، إنَّ للخصومِ رجالًا
وأرى الشُّهْبَ كُلَّها من رجالِكْ

ما تمنّيتُ أن تفوقَ بلادًا
بالسّمُوّ، فأنتَ فعلا كذلِكْ

ناصر الخزيّم

إلى قناة الجزيرة

لأنّا صَحِبْنَا المجدَ كُنّا لكمْ غَمّا
وأنّكمُ خُنتُمْ أعدْنا لكم صرمَا

رَميتُم بأحقادٍ، ولمْ نَسْعَ سعْيَكُمْ
فكنتُم ضحايا ما رميتُمْ، ولمْ نُرمَى

إذا زلّ خطّاءٌ جعلتُمْ ذنوبَهُ
ذنوبًا لنا، والحقّ لا ينفَعُ الصّمّا!

تضمّونَ أعوادَ الهشيمِ بلهفَةٍ
لنارٍ تريدونَ الشريفَ لها طُعْمَا

شرحْتُم وأطنبتُم خِلالَ نفوسِكمْ
بِخِفّةِ عقلٍ آثَرَ الحُمْقَ والظّلْمَا

أريتُم صغارَ النّاسِ قبلَ كبارِهمْ
بأنّا إذا قُلنا وقلتُم نلِي الحِلْمَا

صنعتُم أمام الخلقِ دارَ مكيدَةٍ
فأبصرها الزّاكي، وسارَ لها الأعمى

تجوعون لا يغني بطونًا تعوّدَتْ
على الغِلّ إلا ما يكونُ لها سُقْما

فمِن هذه الأدواءِ شِيبَتْ عقولُكم
ومنها الأذى قولا ومنها الغَبا فَهْما

وذَلّتْ لكمْ أسبابُ كُلّ رذيلَةٍ
فذُقْتُمْ بها ذلّا، ونلتُمْ بها ذمّا

وسرتُم مع الأعداءِ نحو حصوننا
فكنتمْ لنا حربًا، وكنتم لهم سِلْمَا

تُفرّقُكم أهواءُ دينٍ ومذهَبٍ
ويجمعُكم بغضٌ لدولتِنا العُظمَى

ويجمعُنا دينٌ وحبٌّ ودولَةٌ
وبيعَةُ صدقٍ قد أجبنَا بها القَرْمَا

يحيدُ عن التشغيبِ ممتلئا حزمَا
ويُقبل عند الجِدّ ممتلئا عزما

فضائلُ سلمانٍ أقامَتْ وأقعَدَتْ
فكانتْ لنا نُعمى، وكانت لكم سُمّا

فكونوا كما أنتمْ فلسنا نرى لكم
عقابا سوى أنْ كان مُعظمُكم بـ.... !

ناصر الخزيم

13 / 2 / 1440