الاثنين، مارس 21، 2022

لا تعذل الأطلال

 تصدُّ وتكسو بالدعاوى قطيعةً

فلفظُكَ مَكسُوٌّ وفعلُكَ عارِي


لدعواكَ عينٌ ذاتُ دمعٍ، ومنطقٌ

يروعُ، ودمعي من صدودِك جارِي


فدَعْ عنكَ ترجيعَ الحمامِ، فإنّني

أرى نسرَكَ الطاوي يطوفُ بداري!


وقد كنتَ في غصنِ الصفاءِ مُغرّدًا

جوارُك روضٌ آمِنٌ وجِواري


تركتَ ربيعَ الوِدّ يصْفَرُّ بائسًا

خيارُكَ هذا ليس ذاكَ خياري


أُنَادي كثيرا أو قليلا وليسَ لي

فؤادٌ جليدٌ في نداءِ جِدارِ


وألتمسُ الأصداءَ في كل ليلةٍ

فإن يئسَتْ نفسي دفنتُ أواري


فجِئتَ بأثقالِ التكلّفِ بعدَ أنْ

تناسى خُطى سيري القويم عِثارِي


فلا تعذلِ الأطلالَ إنْ صمتَتْ فلنْ

يجيبَكَ مهجورٌ بغيرِ غُبارِ

 

ناصر الخزيم

الثلاثاء، يوليو 27، 2021

ماذا حصل بعد نجاح دعوة الإمام المجدد؟ (سطور موجزة)

 كان الناس في المملكة العربية السعودية، على دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله السلفية، فدبّت مع الزمن أفكار ومسالك في بعضها غلوٌ وفي بعضها جفاء، فدخل الخلل في فهم أصول شرعية عديدة كالتكفير، ومعاملة الحكام، والولاء والبراء، والموقف من البدع، ومنهج الاستدلال، وجنحت طائفة إلى التصوف.

وتبعت كلّ ذلك ردودُ أفعال ما بين غلو وجفاء! 

‏وبقي علماء السنة الكبار على منهج راسخ واضح يعرفه المبصر، ويُعرض عنه من جرفَته العصبيات والحماسات المختلفة المتنازعة، أو أفسدت تصوراته كتابات المنظرين وتخرصات المُحللين. 



مصطلح [الصحوة]

 للصحوة إطلاقان في كلام الناس:

 

الأول: على ظاهرةٍ تلتْ الولَع بالاتجاهات اليسارية والقومية والغفلَة عن الدين،

إذ بدَت بعد ذلك ظاهرةٌ مباركة وهي: الإقبال على الدين وحلقات العلم الشرعي، وتعظيم الدليل، وإنكار المنكرات.

 

الثاني: على شعاراتٍ ومسالك عُرِفَتْ عن جماعة الإخوان المسلمين،

وأشاعها المتأثرون بالجماعة.

 

ومن مظاهر ذلك: الإقبال على الكتب الفكرية الحركيّة والانشغال بالسياسة،

ورفع شعار «شرك القصور أعظم من شرك القبور»،

وزيادة الاهتمام بما يُشعل العواطف كالأناشيد والمسرحيات...

 

فمن يطلق مصطلح «الصحوة» فهو يريد أحد المعنيين:

 

 

 

إما «الإقبال على الدين»، أو «شعارات الإخوان ومسالكهم».

 

وفي الساحة الآن طَرَفان يعجبهما الخلط بين الإطلاقين؛

 

فأحدهما: يريد أن يشملَ الذمُّ (مظاهرَ التدين)،

والثاني: يريد أن يشمل المدحُ (شعاراتِ ومسالك الإخوان).

 

وهذا ظاهر في خطاباتِ الطرفين جدا.

 

 

ناصر الخزيم


الجمعة، نوفمبر 27، 2020

لستَ كفؤا

 وَشَّحَ الليلَ مِنْ مِدادِ النَّهَارِ

ذِكْرُ رَكْبِ الشموسِ والأقمارِ


تركوا الدهرَ بالمفاخِرِ يشدو

لرجالِ البكورِ والسُّمّارِ


أيُّ عيشٍ يطيبُ إن غاضَ علمٌ

أمطروه على النفوسِ القِفَارِ؟


فَرَشُوها بأخضَرٍ من ربيعٍ

وبأحلى الثِّمارِ والأزهارِ


طلبَ العلمَ نابِهٌ من بُخارَى

قبَسَ النورَ مثلَ نجمٍ سارِ


من شيوخٍ إلى شيوخٍ كثيرٍ

نهَلَ العلمَ من كبارٍ خيارِ


قطَعَ الأرضَ جامعًا كلّ قولٍ

حفظوهُ من سُنّةِ المُختارِ



ناقدًا مبصِرًا تقيّا خبيرا

عالما أين آفَةُ الأخبارِ


فانتقى صفوةَ الأسانيدِ منها

فأجَلَّ «الصحيحَ» كُلُّ الكِبَارِ



فاشربِ العذبَ واقطفِ الحلوَ واسمَعْ

غيرَ لغْوٍ إنْ قِيلَ: «قال البُخاري»


قد وعَى العلمَ مُسنِدا وفقيهًا

وسرى فيه مثل نهرٍ جارِ


فارتوى الظامئونَ منه وفازوا

بضياءِ القلوبِ والأبصارِ


فادعُ بالويلِ والثبورِ أيا مَنْ

لم تزَلْ غارِقًا بوحلِ الشّنَارِ


أنتَ أنتَ الذي إذا شئتُ ذمًّا

لم أجدْ غيرَ "أنتَ" رمزَ العارِ


قد عرفناكَ في غبارٍ بعيدٍ

مثلَما أنت بعدَ كشفِ الغبارِ!


لك صوتٌ إذا بدا سارَعَتْ كُلُّ

خصالِ الجَمالِ في الإنكارِ


غُضَّ طرفًا من الحياءِ فقيرا

لستَ كُفْؤًا لأنْ تقولَ: «البخاري»


ناصر الخزيم

4 / 4 / 1442

الاثنين، ديسمبر 16، 2019

ذكرى الراحلين


للرّاحلينَ من الرّحيلِ قصيدةٌ
هطّالَةُ الأبياتِ مِنْ أحداقي

غابوا وما ملأَتْ عيوني منهمُ
ما يطفئُ النِّيرانَ في أعماقي

عادوا طيوفًا لا يكافِئُ صمْتَهم
صمتي، ولا أوصافَهمْ أَوْرَاقي

نطقَتْ ملامِحُهم بلومٍ مُؤلِمٍ
وأنَا معَ العُتبَى لهمْ بِوثَاقِ

يا ليتَهمْ لمّا بدَتْ أشباحُهم
سَمعوا نشيجَ  مُبَرَّحٍ مُشتاقِ

يا ليتني أوعَيْتُ قبلَ رحيلِهمْ
زادَ الجوانِحِ مِنْ شجًى وعِناقِ
ناصر الخزيم
19 / 4 / 1441


تشجّع


تشَجّعْ، وقل: إني أريدُ رضاءَكِ
وأمحو جفائي، صادِقًا، وجفاءَكِ

وإني، وإن أبعدتُ عنكِ مغاضبًا
لقد هِمتُ صديَانًا بتركيَ ماءَكِ

وقد رمتُ يهماءً يموجُ بها الدجى
وما كنتُ ذا رأيٍ بهجري ضياءَكِ

أنا مخطئٌ، يا أجملَ الذكرياتِ، هل
لنا أن تُعيدَ الأمسياتُ رُواءَكِ؟

ناصر الخزيم
15 / 4 / 1441

الخميس، ديسمبر 12، 2019

غُــول




وَلَجتُ إلى أصداءَ يبكي لها الفِكرُ
يموجُ بها بحرٌ، وموضِعُها قَفْرُ!

يوافي بها الظمآنُ قبلَ هلاكِهِ
جديبًا ضنينَ الخيرِ يسكنُه الذُّعْرُ

ويخطُرُ فيهِ السرُّ يطلبُ هاديًا
يفُكٌّ أحاجيه فينخذل السرُّ

مُفَزَّعَةً رُؤيايَ لم تلقَ خاطِرًا
يلمُّ شعابَ القلبِ إنْ نَطَقَ الصّخْرُ

فبعضي يرى بعضي يفُتُّ نِظامَهُ
تَقاذُفُ أوهامٍ عن «الغُولِ» تفترُّ

فسَقيًا لأوهامٍ أكَذِّبُ جُلَّها
وتَعْسًا لأخبارٍ يُصدّقُها الخُبْرُ!

سأثبُتُ لا مَعْنًى لمُكْثِيَ حائِرًا
أمامَ نيوبِ الغولِ يرمُقُني المَكْرُ

سؤاليْ له: «مَنْ أنتَ؟» -بعدَ ترَدّدٍ-
أجيبَ بعينٍ طافَ في لونِها الوِزْرُ

فكدتُ أعيدُ القولَ لولا تذكُّري
كوامنَ أبداها لي النَّظرُ الشزرُ

رأيتُ مكانَ الغولِ نُجْعَةَ طالبٍ
يروقُ له جحرٌ ويزعِجُهُ الفَجرُ

ويستافُ ريحَ البخْرِ حتى كأنَّهُ
يشمُّ بظِلِّ الدّوْحِ ما ضوَّعَ الزهرُ

ويبصِرُ أشياءً وينكرُ وصفَها
ويُطلق أسماءً فيختلِط الأمرُ

وإنْ شاهَدَ الأبطالَ صارَ بوهمِهِ
شُجاعا ومقدامًا فيملؤه الفخرُ!

يبيعُ بلا رِبْحٍ، ويشربُ مُسرِفًا
وحظّ سجاياهُ الخسارةُ والسُّكْرُ

وأولعه بالوحشِ ظلمَةُ قلبِهِ
وطَيْشُ أمانيهِ ومسلكُه الوعرُ

كبيرٌ عليه أن تقولَ له: استَقِمْ
يهونُ عليه أن يقول: الهدى شَرُّ

بغيضٌ إليه أن يراكَ مُرتّلا
حبيبٌ إليه الزّمرُ والرقصُ والعُهْرُ

ويرقمُ في ماءٍ فيأتي مجادلا
بسودِ عماياتٍ، وأنيابُه صُفْرُ

ويسرع في تصديق ما قال كاشِحٌ
ويهتف بالتكذيب إن طلَعُ الفَجْرُ!

يروبُ إذا ما شابَ شيئًا كأنَّما
حرامٌ عليه العدلُ والنُّصْحُ والبِرُّ!

فيا بُؤسَ محرومٍ من الصدقِ والهُدى
ويا بؤسَ مجنونٍ بما أَسَّسَ الكُفْرُ!

ويا حبذا عيشُ العجوزِ إذا دعَى الــ
مُؤَذّنُ دوّى في جوانِحِها الذّكرُ!

تعيشُ على طُهْرٍ، وتعبدُ ربّها
براسِخِ إيمانٍ وهذا هوَ العُمْرُ!


ناصر الخزيّم
15 / 4 / 1441