جدّتي هَيَا
رحَلْتِ، وأيدي الذكرياتِ تجاذَبَتْ
سجايًا لها جِسمٌ أغرُّ مُحجّلُ
تبسّمَ عن فَجْرٍ من الطُّهْرِ، نورُه:
صلاةٌ، وهتّانٌ من النُّصحِ يهْطِلُ
ويقظَةُ إيمانٍ، وصدقُ مقالَةٍ
ورأيٌ وحبٌّ للوئامِ يُؤثّلُ
وبِرٌّ وإحسانٌ وإحياءُ مَنْزِلٍ
بذكرٍ وتذكيرٍ وصوتٍ يُهلّلُ
فيا له مِنْ نورٍ، ويا لَمغيبِهِ!
مضَى فأتى جُنحٌ من الليلِ أليَلُ
ويالَكِ من أمٍّ أثارَ رحيلُها
خبايًا من الأشجانِ تذكو فتُذهِلُ!
لكلٍّ فقيدٌ غيرَ أنَّ افتقادَها
يُري فاقديها الأرضَ صفراءَ تمحَلُ
فقد كانت الظلَّ المليءَ سعادَةً
وكُنّا إذا أُبْنَا نُسَرّ ونَنْهَلُ
وكانت إذا جِئْنَا بشتّى مشاعِرٍ
تجيبُ بصافي الرأيِ من كانَ يسألُ
«هَيَا» صفحةٌ لم يطْوِها الموتُ إنَّها
وإنْ ماتَ جِسْمٌ لم تَزَلْ تَتَهَلَّلُ
«هَيَا» عُمُرٌ كُنّا نعيشُ ببعضِه
ولا زالَ في الذكرى يروحُ ويُقبِلُ
«هَيَا» صِلَةُ الماضي الجميلِ بعصرنَا
وأجيالُ ذاك العهدِ أنقَى وأجمَلُ
رحَلْتِ عن الدنيا، وإنَّ إلهَنا
رحيمٌ حليمٌ غافِرٌ متَفَضّلُ
ناصر بن عبدالله الخزيم