الخميس، نوفمبر 06، 2025

سلام

 سلامٌ على وهمٍ يهيجُ لمشتاقِ

ومعركَةٍ لا تستريحُ بأعماقي


ألِفتُ النّوَى حتى كأنّ أريكَتي

تُحدّثُ أوراقي وتُصغي لإطراقي


أحدّثُ جُلاسي بخيمَةِ مهجتي

فرفقًا أيا شَرْبَ الفؤادِ على الساقي!


إذا رحلَ الأحبابُ عن دارِ خِلّهمْ

رأى المسكنَ الخالي كصندوقِ أعلاقِ


عبرتُ دروبَ الناسِ لا بدّ أنني

أضيقُ بأخلاقٍ وأرضى بأخلاقِ


ولكنْ لبعضِ الناس لغزٌ مُحيّرٌ

يُشكّكُ فِعْلٌ منه في الخُلُقِ الباقي


ويعجل في قنصِ المقالات هائمًا

فيعميه إشراقٌ ويُغرَى بأنفاقِ


تنازعتِ الآراء ثمّ تجمّعَت

وإنّ لها مِنْ فِيكَ سبعةَ أعناقِ


إذا عرفتْ نفسي مكانَكَ قَدّرَتْ

أكنتَ مخوفًا أم حقيقًا بإشفاقِ


رأيتُكَ يومًا بالودادِ تضيء لي

ويومًا كنارٍ تسْتَعِدُّ لإحراقي


قراءةُ وجهِ الحرف كانت تخيفني

ولكنّ حرفَ الوجه يخطف أحداقي



فلا بأس أنْ أحتارَ بالرأي إنّه 

يحرّك أفكاري ويملأُ أوراقي


ولكنْ إذا ما احترتُ في الشوقِ ضاق بي 

فؤادي كمأسورٍ يهيمُ بإطلاقِ


ناصر الخزيم

26 / 3 / 1443

كانوا النخيلَ غضارَةً وظلالا

 عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال:

‏(لقد رأيتُنا وما أحدٌ أحقّ بديناره ودرهمه من أخيه المسلم).


‏كانوا النخيلَ غضارَةً وظلالا

‏وأصالةً وترفّعًا ونوالا


‏مدّوا إلى الجارِ البعيدِ نعيمَهم

‏فكسى القريبَ صنيعُهم سِربَالا


‏وتواثبوا نحو المكارمِ كلّهم

‏فكأنّما جعلوا العطاءَ نِزالا


مُهَجٌ يؤججها الطموحُ إلى العلا

‏فتحوطُه بالباذِخاتِ جِبَالا


‏ملأوا بيوتَ اللهِ ذِكْرًا خاشِعًا

‏وعِبادَةً ومواعظًا وجلالا


‏وقلوبُهم نحو الصلاةِ تقودُهمْ

‏ليسوا إذا سمعوا النداءَ كُسالَى


وخريطَةُ الإسلامِ تنبئُ أنّ في

‏تاريخِ مجدِ المسلمينَ رجالا


‏حملوا لواءَ الدينِ واحتملوا له

‏مهجًا تسيلُ وهِمّةً تتعالَى


‏وإباؤهم حِصنٌ، وعزمتُهم مَعًا

‏تُرْدي بقبضَةِ كَفّها الأبطالا


‏ناصر الخزيم

‏10 / 7 / 1443

السبت، نوفمبر 01، 2025

صراع مع الحاضر بكاء على الغائب

تَقلّبَ في مَغنًى، يُفتّشُ عن معنَى

وما جادَتِ الأفكارُ.. لكنّه أنـَّـا !


وعادَ عليه الطيفُ برْقًا مُوَدِّعًا

وأيُّ غَناءِ بالحبيبِ إذا ضَنّا ؟!


أراد بحُسنِ الروضِ شُغلا عن الأسى

فذكّرَه ما فيهِ أيّامَه الحُسنَى


وقد فاتَه أنّ الجمالَ إذا بدَا

وإنْ سرّ عينَ الصَبِّ قد يَقْرَحُ الجَفْنَا


وأنّ طيوفَ الراحلين، وإن نأوا

تُطلُّ لنهوى أن يقولوا لنا: عُدْنَا !


تُحارِبُنا الأهواءُ، والقلبُ باحةٌ

تنالُ به آمالُنا الضربَ والطّعْنَا


ويجفوهُ من يهواهُ خِلا ملازمًا

ويملأُ مأفونٌ له العينَ والأذْنا


ويمضي ولا يلوي على أحدٍ، ولا

يجيبُ من الآتين إنسًا ولا جِنّا


وهل عُزلةُ المرءِ الشجيّ تعيذُه

إذا شجنٌ في غُصْنِ مُهجتِه غنّى ؟!


وتملؤهُ الذّكرَى حضورًا، بِعُزلَةٍ

وإن عادَ أبْقَتْهُ بعيدًا عن الأدْنَى


ويغدو مع الأفكارِ أحمرُ حِبرِهِ

ويُمسي وقاني الذكرياتِ به تُعْنَى


صديقي، شؤونُ المشجياتِ تشابكتْ

فما عُدتَ تدري أيَّها عظُمتْ شأنَا


وصِرْنَا صَرِيعَيْ هِمّةٍ وتجاذبٍ

تميلُ إلى غُصْنٍ وأهصِر لي غُصْنَا


وتجني لداءِ العصرِ غير الذي جنَتْ

يداي، فلاحَ الخُلْفُ في أيّها يُجنَى !


وتبقَى، وإن كُنّا نحاوِلُ دفعَها

عواصفُ سودٌ تملأ السّهلَ والحَزْنَا


وقد يجمعُ الكربُ المصابينَ مرّةً

فتتركنا الآراءُ شتّى كما كُنّا



ونستمطرُ الأفكارَ مِن كلّ جانِبٍ

ولم نلقَ في كلّ السماءِ لها مُزْنَا


فلا تعذل المِحْزانَ ما دمتَ مثلَهُ

ووافقتَه وزنًا، وخالفْتَه لَــحْنـَا


ولكن أعيدا للأمورِ نصابَها

وكلٌّ له فَنٌّ فأبدِعْ لنا فَنّا 


وأحسِنْ -ربيبَ الحُسنِ- قولًا، وإنّني

صفيُّكَ، يا خِلّي، فأحسِنْ بيَ الظّنَّا 


ناصر الخزيّم

8 / 5 / 1447

الاثنين، مارس 21، 2022

لا تعذل الأطلال

 تصدُّ وتكسو بالدعاوى قطيعةً

فلفظُكَ مَكسُوٌّ وفعلُكَ عارِي


لدعواكَ عينٌ ذاتُ دمعٍ، ومنطقٌ

يروعُ، ودمعي من صدودِك جارِي


فدَعْ عنكَ ترجيعَ الحمامِ، فإنّني

أرى نسرَكَ الطاوي يطوفُ بداري!


وقد كنتَ في غصنِ الصفاءِ مُغرّدًا

جوارُك روضٌ آمِنٌ وجِواري


تركتَ ربيعَ الوِدّ يصْفَرُّ بائسًا

خيارُكَ هذا ليس ذاكَ خياري


أُنَادي كثيرا أو قليلا وليسَ لي

فؤادٌ جليدٌ في نداءِ جِدارِ


وألتمسُ الأصداءَ في كل ليلةٍ

فإن يئسَتْ نفسي دفنتُ أواري


فجِئتَ بأثقالِ التكلّفِ بعدَ أنْ

تناسى خُطى سيري القويم عِثارِي


فلا تعذلِ الأطلالَ إنْ صمتَتْ فلنْ

يجيبَكَ مهجورٌ بغيرِ غُبارِ

 

ناصر الخزيم

الثلاثاء، يوليو 27، 2021

ماذا حصل بعد نجاح دعوة الإمام المجدد؟ (سطور موجزة)

 كان الناس في المملكة العربية السعودية، على دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله السلفية، فدبّت مع الزمن أفكار ومسالك في بعضها غلوٌ وفي بعضها جفاء، فدخل الخلل في فهم أصول شرعية عديدة كالتكفير، ومعاملة الحكام، والولاء والبراء، والموقف من البدع، ومنهج الاستدلال، وجنحت طائفة إلى التصوف.

وتبعت كلّ ذلك ردودُ أفعال ما بين غلو وجفاء! 

‏وبقي علماء السنة الكبار على منهج راسخ واضح يعرفه المبصر، ويُعرض عنه من جرفَته العصبيات والحماسات المختلفة المتنازعة، أو أفسدت تصوراته كتابات المنظرين وتخرصات المُحللين. 



مصطلح [الصحوة]

 للصحوة إطلاقان في كلام الناس:

 

الأول: على ظاهرةٍ تلتْ الولَع بالاتجاهات اليسارية والقومية والغفلَة عن الدين،

إذ بدَت بعد ذلك ظاهرةٌ مباركة وهي: الإقبال على الدين وحلقات العلم الشرعي، وتعظيم الدليل، وإنكار المنكرات.

 

الثاني: على شعاراتٍ ومسالك عُرِفَتْ عن جماعة الإخوان المسلمين،

وأشاعها المتأثرون بالجماعة.

 

ومن مظاهر ذلك: الإقبال على الكتب الفكرية الحركيّة والانشغال بالسياسة،

ورفع شعار «شرك القصور أعظم من شرك القبور»،

وزيادة الاهتمام بما يُشعل العواطف كالأناشيد والمسرحيات...

 

فمن يطلق مصطلح «الصحوة» فهو يريد أحد المعنيين:

 

 

 

إما «الإقبال على الدين»، أو «شعارات الإخوان ومسالكهم».

 

وفي الساحة الآن طَرَفان يعجبهما الخلط بين الإطلاقين؛

 

فأحدهما: يريد أن يشملَ الذمُّ (مظاهرَ التدين)،

والثاني: يريد أن يشمل المدحُ (شعاراتِ ومسالك الإخوان).

 

وهذا ظاهر في خطاباتِ الطرفين جدا.

 

 

ناصر الخزيم


الجمعة، نوفمبر 27، 2020

لستَ كفؤا

 وَشَّحَ الليلَ مِنْ مِدادِ النَّهَارِ

ذِكْرُ رَكْبِ الشموسِ والأقمارِ


تركوا الدهرَ بالمفاخِرِ يشدو

لرجالِ البكورِ والسُّمّارِ


أيُّ عيشٍ يطيبُ إن غاضَ علمٌ

أمطروه على النفوسِ القِفَارِ؟


فَرَشُوها بأخضَرٍ من ربيعٍ

وبأحلى الثِّمارِ والأزهارِ


طلبَ العلمَ نابِهٌ من بُخارَى

قبَسَ النورَ مثلَ نجمٍ سارِ


من شيوخٍ إلى شيوخٍ كثيرٍ

نهَلَ العلمَ من كبارٍ خيارِ


قطَعَ الأرضَ جامعًا كلّ قولٍ

حفظوهُ من سُنّةِ المُختارِ



ناقدًا مبصِرًا تقيّا خبيرا

عالما أين آفَةُ الأخبارِ


فانتقى صفوةَ الأسانيدِ منها

فأجَلَّ «الصحيحَ» كُلُّ الكِبَارِ



فاشربِ العذبَ واقطفِ الحلوَ واسمَعْ

غيرَ لغْوٍ إنْ قِيلَ: «قال البُخاري»


قد وعَى العلمَ مُسنِدا وفقيهًا

وسرى فيه مثل نهرٍ جارِ


فارتوى الظامئونَ منه وفازوا

بضياءِ القلوبِ والأبصارِ


فادعُ بالويلِ والثبورِ أيا مَنْ

لم تزَلْ غارِقًا بوحلِ الشّنَارِ


أنتَ أنتَ الذي إذا شئتُ ذمًّا

لم أجدْ غيرَ "أنتَ" رمزَ العارِ


قد عرفناكَ في غبارٍ بعيدٍ

مثلَما أنت بعدَ كشفِ الغبارِ!


لك صوتٌ إذا بدا سارَعَتْ كُلُّ

خصالِ الجَمالِ في الإنكارِ


غُضَّ طرفًا من الحياءِ فقيرا

لستَ كُفْؤًا لأنْ تقولَ: «البخاري»


ناصر الخزيم

4 / 4 / 1442