السبت، مارس 17، 2018

«اعلم أرشَدَك الله لطاعتِه!»


بسم الله الرحمن الرحيم

اعلم –أُخَيَّ الناصحَ- جعلَك الله من المباركين أنَّ الرفق واللين في القول من أهم أسباب نجاح الداعيَّة إلى الله تعالى. قال تعالى لموسى وهارون -عليهما السلام-: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44]. وقال صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة! إنَّ الله رفيقٌ يحبُّ الرِّفقَ، ويُعطِي على الرِّفقِ ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سِواه» [صحيح مسلم: (2593)].
قال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري -رحمه الله-: «معناه: أنه ييسر بالرفق ما لا ييسر بالعنف»[1].

وقال –رحمه الله-: «(الرفق): هو اللين في القول والفعل والسلوك، والأخذ بالأسهل، وهو ضِدُّ العُنْف»[2].


والرفق خصلةٌ من خصال ثلاث للداعية الناجح، قال سفيان الثوري رحمه الله: «لا يأمرُ بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا من كُنَّ فيه خصال ثلاث: رفيقٌ بما يأمر به، رفيق بما ينهى. عدل بما يأمر، عدلٌ بما ينهى. عالم بما يأمرُ، عالمٌ بما ينهى»[3].

ومن الرفق: اللين في القول، والتأليف بالدعاء.

ولقد صدَّر الإمام المجدد -رحمه الله- رسالتَه «الأصول الثلاثة» بقوله: «اعلم رحمَك الله»، وهذا من تأليف المدعو بالدعاء وهو سمة واضحة في رسائل الشيخ. قال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم –رحمه الله- في «حاشية ثلاثة الأصول»[4]:

«كثيرا ما يجمع -يعني الإمام محمد-رحمه الله عندما يرشد الطالب بتقرير الأصول المهمة بينها وبين الدعاء له. وهذا من حسن عنايته ونصحه وقصده الخير للمسلمين»اهـ.



وقال الشيخ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني: «لا شك أن الدعاء للمدعو مما يشرح صدره، ويجذب قلبَه»[5]. وقال: «ولهذا استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم في دعوتِهِ كثيرا»[6].



وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: «كان أصحاب ابن مسعود إذا مرُّوا بقومٍ يرون منهم ما يكرهون، يقولون: مهلا رحمكم الله!»[7].



فاجتمع في رسالة الشيخ رحمه الله محاسنُ تميل قلبَ القارئ إلى القبول، هذه واحدة منهن.



ناصر الخزيم
1430

[1] - منة المنعم في شرح صحيح مسلم، لصفي الرحمن المباركفوي: (4/ 189)، ط: الأولى، دار السلام. وانظر: القول البين الأظهر، للشيخ عبد العزيز الراجحي: 52، ط: مكتبة دار السلام.

[2] - السابق: (4/ 188).

[3] - كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من مسائل الإمام المبجل أبي عبد الله أحمد بن حنبل، تصنيف: أبي بكر الخلال، تصحيح وتعليق: إسماعيل الأنصاري: 33، ط: دار الصميعي.

[4] - ص: 9، الطبعة الثامنة.

[5] - فقه الدعوة في صحيح البخاري: (1/ 531) الطبعة الأولى.

[6] - السابق: (1/ 176).

[7] - كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من مسائل الإمام المبجل أحمد بن حنبل: 33.

ليست هناك تعليقات: