السبت، نوفمبر 01، 2025

صراع مع الحاضر بكاء على الغائب

تَقلّبَ في مَغنًى، يُفتّشُ عن معنَى

وما جادَتِ الأفكارُ.. لكنّه أنـَّـا !


وعادَ عليه الطيفُ برْقًا مُوَدِّعًا

وأيُّ غَناءِ بالحبيبِ إذا ضَنّا ؟!


أراد بحُسنِ الروضِ شُغلا عن الأسى

فذكّرَه ما فيهِ أيّامَه الحُسنَى


وقد فاتَه أنّ الجمالَ إذا بدَا

وإنْ سرّ عينَ الصَبِّ قد يَقْرَحُ الجَفْنَا


وأنّ طيوفَ الراحلين، وإن نأوا

تُطلُّ لنهوى أن يقولوا لنا: عُدْنَا !


تُحارِبُنا الأهواءُ، والقلبُ باحةٌ

تنالُ به آمالُنا الضربَ والطّعْنَا


ويجفوهُ من يهواهُ خِلا ملازمًا

ويملأُ مأفونٌ له العينَ والأذْنا


ويمضي ولا يلوي على أحدٍ، ولا

يجيبُ من الآتين إنسًا ولا جِنّا


وهل عُزلةُ المرءِ الشجيّ تعيذُه

إذا شجنٌ في غُصْنِ مُهجتِه غنّى ؟!


وتملؤهُ الذّكرَى حضورًا، بِعُزلَةٍ

وإن عادَ أبْقَتْهُ بعيدًا عن الأدْنَى


ويغدو مع الأفكارِ أحمرُ حِبرِهِ

ويُمسي وقاني الذكرياتِ به تُعْنَى


صديقي، شؤونُ المشجياتِ تشابكتْ

فما عُدتَ تدري أيَّها عظُمتْ شأنَا


وصِرْنَا صَرِيعَيْ هِمّةٍ وتجاذبٍ

تميلُ إلى غُصْنٍ وأهصِر لي غُصْنَا


وتجني لداءِ العصرِ غير الذي جنَتْ

يداي، فلاحَ الخُلْفُ في أيّها يُجنَى !


وتبقَى، وإن كُنّا نحاوِلُ دفعَها

عواصفُ سودٌ تملأ السّهلَ والحَزْنَا


وقد يجمعُ الكربُ المصابينَ مرّةً

فتتركنا الآراءُ شتّى كما كُنّا



ونستمطرُ الأفكارَ مِن كلّ جانِبٍ

ولم نلقَ في كلّ السماءِ لها مُزْنَا


فلا تعذل المِحْزانَ ما دمتَ مثلَهُ

ووافقتَه وزنًا، وخالفْتَه لَــحْنـَا


ولكن أعيدا للأمورِ نصابَها

وكلٌّ له فَنٌّ فأبدِعْ لنا فَنّا 


وأحسِنْ -ربيبَ الحُسنِ- قولًا، وإنّني

صفيُّكَ، يا خِلّي، فأحسِنْ بيَ الظّنَّا 


ناصر الخزيّم

8 / 5 / 1447

ليست هناك تعليقات: