الأربعاء، فبراير 21، 2018

اخرجْ إليه..!

في والدي الحبيب، رحمه الله، وقد رأيته يخرج على كرسي المقعدين، في أواخِر أيامه، يلتمس دفء الشمس ونقاء الهواء، ويقلّب نظرَه متأملا، وتقلبه الآلامُ متصبرا.



اخرُجْ إليهِ وراقِبْ مُقْلةً هطِلَةْ

وانثُرْ رؤاكَ على نَظْراتِهِ الوَجِلَةْ

قد كان يسعى، كصبحٍ، ناشرًا أرَجًا

فأطفأَ الصُّبْحَ داءٌ جاثِمٌ شَغَلَهْ

كأنَّ في صمتِهَ أنشودةً أخَذَتْ

أصداءَ فكرَتِه، قد أغْرَقَتْ عِوَلَهْ

فغاصَ في عُمقِها نورًا إلى لُجج

يعيد نظرتَه مستشرِفًا أمَلَهْ

فضجَّ في صدرِه طِفلٌ تُداعبُهُ

نُعْمَى الحياةِ وأُمٌّ شكَّلَتْ حُلَلَهْ

وأقبَلَتْ تسرقُ الأشجانَ قافيةٌ

بكَتْ شبابًا مضى أوراقُه خَضِلَةْ

فأغمَدَتْ ناصِعَ الآمالِ غاشِيَةٌ

مِنَ الكُلومِ تُعيدُ الجُرْحَ مُنفَعِلَةْ

اخرجْ إليه.. فإنَّ الدمعَ يصحبُهُ

إلى شُجونٍ تُذيبُ الرُّوحَ مُبْتَهِلَةْ

إلى رُواءٍ أحالَ الداءُ بهجتَهُ

وأسفَرَ الحُلْمُ عن سجنٍ حوى عِلَلَهْ

إلى ارتجافِ الرؤى مِنْ بين عازفَةٍ

أنينَ نَفْسٍ وَهَتْ، أو بَسْمَةٍ خَجِلَةْ


قد كانَ يصهلُ في أثوابِهِ فرَسٌ

فصار يعيى إذا ما سائِلٌ سأَلَهْ

قد كان في رِفْعَةِ التوبادِ يملؤنَا

مهابَةً فطَمَتْ آلامُهُ جَبَلَهْ

اخرجْ إليه تجدْهُ قصَّةً نَسَجَتْ

حُبًّا، وأطوارَ دَهْرٍ قلّبَتْ دُوَلَهْ

اخْرُجْ إليهِ وأخرِجْ من خريطَتِهِ

-بأعذبِ القولِ- وهْمًا مُحزنًا دَخَلَهْ

ناصر بن عبد الله الخزيم
١٣ / ٥ / ١٤٣٨

ليست هناك تعليقات: