الأربعاء، فبراير 21، 2018

المصدر: واقعة وقَعَتْ !

هذه خاطرة كتبتُها قبل سنوات، وبدا لي أنّ موضوعَها مهمٌ يحسُن التنبيه عليه، 
ولذا أنشرُه مع تعديلات طفيفة.


بسم الله الرحمن الرحيم

عجيبٌ أمر ذلك الميزان الذي يزن به كثير من الناس شعوبًا وقبائل وطوائف، فتسمع من يحكم على الشعب الفلاني بسوءة رآها من فرْدٍ منهم!

بلغني عن امرأة ليست من السعوديَّة تزوَّجت رجلا سعوديا، فمات عنها فلقيَتْ من إخوتِه ظلمًا بليغًا،
وقد جعلتْ ذلك الظلمَ ذريعةً إلى الطعن في شعب كاملٍ ودولة!

وأنا آسَفُ على ما جرى على تلك المرأة من الظلم ولا أرضى ذلك على مسلم أو مسلمة، وأتمنى لتلك المرأة الخير والسعادة؛ لكنني لا أرضى لها أن تجمع مع الظلم الذي أصابها ظلمًا تبعث به إلى شعب كامل!

فالظلم قد وصلها من أشخاص لا من شعب، (ولا تزر وازرةٌ وزرَ أخرى)!

وتصرُّف هذه المرأة تصرُّفٌ شائع –وللأسف- في الناس؛ إذ ينطلق الواحد منهم بحكم على شعبٍ أو قبيلة... من فعلةِ سوءٍ قام بها فرد واحد!

وهذا نقص في العقل ونؤي عن العدل.

ومن ذلك ما نسمعه من بعض الشباب من لمز لأصحاب اللحى وتحقير لهم وكل ذلك بسبب حكايات تحكَى عن بعض الملتحين.
والذام –ذما مطلقا- لأصحاب اللحى واقع في مصائب ثلاث: نقص الدين ونقص العقل ونقص المروءة:

أما نقص الدين فظاهر؛ إذ الدين يأمر بإعفاء اللحية، ومن يذم الملتحي لأنه ملتحي فهو ذام لشيء من الدين.

أما نقص العقل: فلأن أصحاب اللحى لا تجمعهم فكرة أو طبع أو سلوك يستحقون الذم بها؛ بل هم أجناس متفرقة، لهم أطباع متباينة وأخلاق مختلفة.

والذام لهم بإطلاق قد جعلهم بمنزلة واحدة من طبع أو فكرة أو سلوك، وهذا من ضعف التفكير.

ثم إنَّ الحاكم على أهل اللحى بالمذمة بسبب موقف حصل من ملتح: حاكمٌ ضعيف الأداة لأنه حكم على جماعة بفعل فرد أو أفراد.
ولأن تعليق الخطأ باللحية وأصحاب اللحية تعليق لا موجبَ له.

أما نقص المروءة: فلأن اللحية زينة للرجال ومعفي اللحية باق على الأصل المعروف عن الرجل المسلم، والمتنقص منها منتقص لخصلة من خصال المروءة والكمال، وهذا الفعل محادة للمروءة.

وأخيرا أقول: إن الفعل السيء إذا كان ناتجا عن أصل فاسد اجتمعت على الأخذ به طائفة من الناس ساغ أن يكون ذريعة لثلبهم، أما أن يكون الثلب للأصل الصالح بسبب فعل لا علاقة لذلك الأصل به (كمن سرق وهو يشهد شهادة التوحيد، فيأتي من يطعن بالإسلام لأنَّه عرف سارقًا مسلما) فهذا جور في الحكم وحيدة عن الصواب.

ناصر الخزيم

13 / 7 / 1428هـ.

ليست هناك تعليقات: